حوارحوارات

محمود جنان: خطأ جسيم تتحمّله إحدى هاته الجهات (حوار)

الأمين الوطني المكلف بالجالية والعلاقات الخارجية للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان

يتحدث محمود جنان الأمين الوطني المكلف بالجالية والعلاقات الخارجية للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان، في هذا الحوار مع “الطريق نيوز”، عن مستجدات قضية الحراقة الجزائريين المفقودين في تونس.

ويعرّج على “الخطأ الجسيم” الذي وقعت فيه إحدى الجهات الثلاثة “القنصلية، الأمن الوطني، أو القضاء التونسي”، بـ “تضليل العائلات وإعطائهم أملا كاذبا”، وما حدث على خلفية ذلك في محكمة الكاف يوم الجمعة الماضي.

مشيرا إلى أن “هذا الخطأ قد يكون له تأثير سلبي كبير على ملف القضية، وتبعات أخرى في المستقبل”.

تتابعون ملف الحراقة الجزائريين المفقودين بتونس منذ عدة سنوات، هل لكم أن تلخصوا القضية للقراء ؟

باختصار، هناك عدد كبير من العائلات الجزائرية التي فقدت أبناءها أثناء عمليات هجرة غير شرعية عبر البحر المتوسط منذ 2008، تقول وبناءا على أدلة أو شهود كل حسب حالته، بأن أبناءها متواجدين في السجون التونسية بعد أن ألقت عليهم قوات خفر السواحل القبض.

إلى أين وصل ملف القضية ؟

منذ خمس سنوات أو أكثر بقليل تتابع الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان، الملف بحذر كبير، على اعتبار أنه ملف جد حساس وفيه اتهامات مباشرة لسلطات دولة جارة، وعليه حرصنا على عدم التسرع وسعينا عبر الطرق الحقوقية والقانونية لمساعدة العائلات الجزائرية بغية الوصول إلى فلذات أكبادها.

وبعد سنوات من الانتقال بين الجزائر وتونس، وطرق مختلف الأبواب، والعمل الكبير الذي قام به أيضا مكتبنا في تونس برئاسة حسني المرعي، ومع كثرت الاتهامات إرتأينا مراسلة الرئيس التونسي قيس سعيّد، وطلبنا منه فتح تحقيق في القضية.

كما طالبنا بتشكيل لجنة عالية المستوى مشتركة بين البلدين، لحل هذا للغز الغامض ورفع اللبس الحاصل.

ونفس الرسالة قمنا بتوجيهها لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.

الرئيس التونسي قام بتحويل المراسلة إلى الحكومة، التي بدورها قامت باستدعاء رئيس مكتب الرابطة في تونس، وتم توجيهه إلى فرقة الأبحاث والتحري التونسية.

وبعدها شرعت السلطات التونسية في استصدار الاستدعاءات للعائلات المعنية بالقضية، للاستماع لها، وسلمتها لمكتب الرابطة عن طريق محامي الرابطة ومستشارها القانوني.

هناك جدل كبير بدأ منذ أيام بخصوص الاستدعاءات، واتهامات للسلطات الجزائرية بأنها أخطأت في صياغتها، هل من توضيح ؟

الاستدعاءات كانت تصل للمكتب الوطني للرابطة، وكنا نقوم بتقديمها للعائلات على مراحل، كل عائلة نسلمها الاستدعاء تسافر إلى تونس للاستماع لها والادلاء بشهادتها.

لكن لاحظنا أنو الكثير من العائلات وجدت صعوبات كبيرة في السفر، حيث يضطرون لشراء تذكرة طائرة مفتوحة، وعند رغبتهم في العودة لا يجدون أماكن. فإرتأينا أن نتوقف عن تقديم الاستدعاءات إلى مابعد رمضان للتخفيف عن العائلات.

وفي نفس الوقت حضرنا لمراسلة الرئيس عبد المجيد تبون لتسهيل عملية تنقل العائلات عن طريق اصدار ترخيص بالمرور عبر الحدود البرية المغلقة بسبب وباء كورونا.

لنتفاجئ بأن عائلات استلمت محاضر اثبات وتبليغ من قبل مصالح الشرطة في ولاية عنابة، على أساس أن هناك جلسة محاكمة يوم الجمعة 15 أفريل 2022 في المحكمة الابتدائية الكاف، بمعنى أن الحراقة ستتم محاكمتهم !.

المحضر يعني بأن الحراقة الجزائريين المختفين كانوا فعلا في السجون التونسية..

هذا ما فهمتهم العائلات من المحاضر المسلمة لهم، وهو ما استبعدته بشكل قطعي على اعتبار أن الرابطة تعرف الملف جيدا، ورغم ذلك قلنا بأنه من الممكن أن أمرا تم على مستوى سلطتي البلدين، واستبشرنا خيرا رفقة العائلات بظهور أبنائهم المختفين منذ سنوات.

وماذا حصل يوم المحاكمة ؟

تواصلت مع رئيس المكتب في تونس وطلبت منه مرافقة العائلات يوم المحاكمة إلى الكاف رفقة المحامي، حتى يرافع عن المتهمين في حال كان الأمر كما جاء في محضر الاثبات والتبليغ.

رئيس المكتب والمحامي اتيح لهم اللقاء بالقاضية قبل انطلاق الجلسة، وعند الاستفسار منها عن الأمر استغربت، وقالت أنه لا يوجد أي حراقة ولا أي محاكمة، وأن كل ما قامت به هو ارسال تيليغرام للسلطات الجزائرية لاستدعاء العائلات التي تقول بأن أبناءها متواجدون في تونس للاستماع لهم على اعتبار أن ملف القضية وصل للعدالة.

وعند دخول العائلات وتوضيح الأمور من طرف القاضية نزل عليهم الخبر كالصاعقة، وحدثت فوضى بين اغماءات وبكاء وصراخ، بعد تحطم الأمل الذي عاشت عليه العائلات طوال الأيام السابقة.

من يتحمّل مسؤولية هذا الخطأ برأيكم ؟

استغرب أن يصدر هكذا خطأ عن السلطات الجزائرية في هكذا ظرف صعب، خاصة وأن الملف جد حساس وفيه اتهام مباشر للسلطات التونسية بالاختفاء القصري، ولا استبعد وجود أطراف وراءها.

ورغم ذلك فإن المسؤولية يتحملها أحد الأطراف الثلاثة: “القنصلية الجزائرية في كاف أو مديرية الأمن الوطني، أو السلطات التونسية”.

كيف ترون مستقبل القضية بعد هذا الخطأ ؟

الخطأ قام برهن عمل سنوات للوصول بالملف إلى أروقة العدالة، والخطأ جاء في وقت حساس جدا، خاصة وأن السلطات التونسية وجهت لها تهم مؤخرا عبر تقارير أمريكية بالاختفاء القصري لمناضلين سياسيين وبرلمانيين وهو ما نفته.

كما أن الملف أحدث ضجة اعلامية كبيرة، نتمنى ألا نعود لنقطة الصفر.

على العموم القاضية وعدت بأنها ستعود لارسال الاستدعاء إلى مكتب الرابطة، ونتمنى أن نساهم عودة أبناءنا الحراقة أو على الأقل التأكد من حقيقة وجودهم في تونس من عدمه.

مقالات ذات صلة

إغلاق