آراء وتحاليلرؤية

الشعبوية ثابت وطني

تحولت الشعبوية (أي مخاطبة عواطف الناس وتهييجها ) إلى ثابت وطني لا يتزحزح في النقاشات السياسية والاقتصادية والدينية عندنا. صار من الصعب إيجاد نقاش عقلاني يعتمد على الأرقام والبيانات والحقائق يخاطب فيه المُتحدث عقل السامع بهدف إقناعه..ولعل أهم مُخلّفات هذا الخطاب الذي تراكم في الجزائر منذ الاستقلال هو تحييده للشعب تماما وفصله بينه وبين التفكير الجماعي في مستقبل الوطن. تُشَبعُ عواطف الناس بخطب رنانة وبأنصاف الحقائق وأرباعها حتى يشعر المتلقي بأنه أدى واجبه بكذا صرخة يصرُخها وكذا دمعة يذرفها ويدخل الصف الذي تسيّره أنفاس “الخطيب” من خلف إلى الهاوية!

 هذا الجو غير الصحي خلق لدى أعداد كبيرة من الناس قدرة كبيرة على رفض الواقع والتفرج عليه في آن واحد في انتظار تجسّد وعود الكاذبين والمدّلسين..وكلما حاولت فئة من الشعب أن تخرج من عنق الزجاجة وأن تطرح ما يجب طرحه من نقاشات جدية وملّحة ..تقابلها النزعة “الشعبوية الفضائحية” لإعلامنا فالمراقب لما ينتجه الإعلام الجزائري من أخبار وأفكار سيُصعق من حجم تكرار مصطلح “الفضيحة” بسبب وبدونه .كفخ ينصب كل مرة لجذب القارئ إلى نفس المستنقع حتى يغرق في سيل من “الفضائح” والمعلومات المُقدّمة بشكل خاطئ.وهذا لشلّ حركته بالكامل.

الشعبوية مرض وجب التخلص منه فعلى الطبقة السياسية أن تكف فوراعن تقديم الواقع الاقتصادي الجزائري المرعب بهذه الكيفية اللاّمسؤولة فعبارات ( تزوجو بدراهم لونساج) (بدينا في تنويع الإقتصاد)( نيفنا واحد ما يهبطو) وغيرها من العنتريات الفارغة لن تفيدنا أمام قسوة الغد الاقتصادي،عدم مصارحة الشعب ودفعه للمشاركة (نقاشا و تحليلا وعملا ) في تفاصيل الأزمة الاقتصادية هو تهيئة لبهارات الخراب عندما تطال الأزمة رواتب الناس وجيوبهم.كفوا عن الشعبوية والكذب…وولوا وجوهكم شطر فنزويلا..الناس تشتري ضمادة وحقنة قبل الذهاب إلى المستشفى ..الناس في فنزويلا تقوم بمظاهرات ضد الجوع…بعد أن أصيبوا بالتخمة من الخطابات الشعبوية لزعمائهم.

بقلم جعفر خلوفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق