آراء وتحاليل

قطار الحضارة إنطلق … ونحن عند المحطة ننتظر !

بقلم: حسام بن سكايم

قطار الحضارة إنطلق منذ زمن، لكن العرب ومن شابههم من الأقوام تخلفوا عن الركب، ربما لتكاسلهم، أم لتخاذلهم أم أن المنبه لم يرن كما يتحجج البعض، بقوا كالثكلى يندبون حضهم التعيس عند المحطة، فمر القطار الثاني والثالث والرابع .. وكذا العشرين … ولا يزالون عند تلك المحطة يبكون.

لو سألتهم ما حل بكم يا خير امة أخرجت للناس !؟ لقالوا أصابنا التخلف والعجز والجهل والهوان !! وما سبب تخلفكم يا أمة إقرأ !؟ لقالوا ومن غيره الاستدمار الأوروبي اللعين، دمر خيراتنا، خرب ممتلكاتنا، سلب هويتنا … ولكن متى كان هذا !! قبل سنين طويلة ناهزت الستين … أو السبعين !!
وهل هذه المدة الطويلة لم تكن كافية لبناء وطن ؟ لصناعة نهضة ؟ سوى البكاء على الأطلال عند محطة القطار !!
للأسف هذا هو حالنا اليوم، نقدم أعذارا نسبية بدل ما نغير واقعنا استنادا الى تاريخنا.
اذا تحدثنا عن الحروب على أنها سبب التخلف سنتحدث عن ألمانيا في الحرب العالمية الثانية فقد كانت المتضرر الاكبر وأصبحت دمارا ليس بعده دمار، وتركت تحت وصاية دول الحلفاء لتسير شؤونها، لكن هل ألمانيا متخلفة ؟
بالطبع لا فألمانيا الآن قوة اقتصادية عالمية لا يستهان بها، غزت العالم بسياراتها ومنتجاتها، ولم تعطي بالا للحروب التي عاشتها، فالمجتمع الناشئ لا يقبل فكرة أن كل جهد يستحق اجر – فبعد نهاية الحرب تطوع كل عامل ألماني بساعتين عمل اضافيتين بالمجان خدمة للصالح العام طيلة 3 سنوات وهذه هي الوصفة السحرية التي دفعت بالمانيا الى ركب الحضارة.
بعيدا عن المانيا وفي شرق العالم – اليابان – والتي اعتبرها الكثير (معجزة القرن) فبعد أن دمرت على آخرها بقنبلتي هيروشيما وناغازاكي سنة 1945 أصبحت بعد ذلك ثاني قوة اقتصادية عالمية، ليس بخيراتها الطبيعية والباطنية، ولم تكن طريقها الى ركب الحضارة مفروشة بالورود بل مفروشة بالاشواك والصعوبات والعراقيل، والمتتبع للتاريخ الياباني يرى أن هذه المعجزة لم تكن شيء يذكر قبل سنوات، لكن لما إهتمت بالانسان بصفته منتج في المجتمع، ووفرت له كل الظروف الملائمة جعلته يبدع رغم الصعاب.
وهناك العديد من الامثلة الحية في العالم.
فكيف لنا أن نتهم الغير بما نعيشه من خراب، وحكام العرب وملوكهم يريدون السيطرة على الحكم في حياتهم وبعد مماتهم بتوريث أبنائهم، وكأن الأوطان مزرعة للحيوانات الأليفة والمتوحشة ليس إلا.
كيف نتهم الغير وجغرافية أوطاننا تزخر بموارد طبيعية هائلة، وموقع جغرافي مهم وثروات باطنية وثروة بشرية معظمها من الشباب الذي يحتاج الى عناية واهتمام حتى لا يخاطر بحياته ويرمي بنفسه في البحر.
اذن فالمشكل ليس في الاستعمار بل في ذهنية الانسان العربي فالاستعمارات والحروب مست جميع دول العالم لكن الاهم ما بعد الاستعمار هل قمت بنهضة لصناعة التاريخ أم بقيت تبكي على الأطلال وتتمنى عودة الابطال بداية من صلاح الدين الايوبي وقطز مرورا بسليمان القانوني وصولا للامير عبد القادر وعمر المختار وعبد الكريم الخطابي وغيرهم … وهذا ما فعله العرب للاسف، على عكس الغرب فهم يتمنون السفر للمستقبل لمواكبة الحضارة والتطور .. لكن نحن نتمنى العودة للماضي لنعيش ايام اجدادنا الابطال بدل ما نكون نحن هم الابطال، كل واحد فينا يوجد بداخله بطل قد يكون خليفة عبد الحميد بن باديس أو صلاح الدين الايوبي أو أي بطل آخر صنع أمجاد الحضارة العربية الاسلامية.
فهل مع بداية سنة جديدة نلتحق بالركب ونستقل قطار الحضارة ؟ أم ستمر كما مرت 60 سنة من قبل دون جهد يذكر ؟
ربما حان الوقت للتغيير وأجعله يبدأ منك.

مقالات ذات صلة

إغلاق