آراء وتحاليل

أوكار الدعارة .. عندما تقع المرأة وحدها في قفص الإتهام

تداولت الأيام الماضية، وسائل إعلامية وكذا شبكات التواصل الاجتماعي خبر اقتحام الدرك الوطني أوكار الدعارة بولاية بجاية، موثقين ذلك الخبر بصور وفيديوهات لنساء. بقيت صورة تلك المرأة عند باب احد المنازل ( الأوكار)، مغطاة الوجه حاملة حقيبتها، راسخة في الأذهان، إضافة لبعض التعليقات التي رافقت الخبر، أين تم شتم فيها النساء مستعملين أقبح الكلمات، وكأن ” جريمة الدعارة” ارتكبتها المرأة وحدها، متناسين أن أهم شريك لها هو الرجل.

هناك فرق بين الجنس والدعارة، بين المرأة التي تتمتع بحياة جنسية حرة وبين امرأة يفرض عليها الجنس بقوة المال لأنها بحاجة إليه، لو أن هناك رغبة حرة ومتبادلة، لما دُفِعَ المال. فمن خلال المال، يَطْلُبُ الشاري (وهو الرجل) خدمات جنسية يريدها هو، وليس تلك التي ترغب فيها المرأة.

الدعارة إذا، تعبر عن جنسية الرجل وليس عن جنسية المرأة. هناك أيضا مفاهيم كثيرة مغلوطة، كمن يقول مثلا؛ لو لم تعرض المرأة خدماتها لما كانت هناك دعارة، لكن الصحيح، هو لو أنه لم يكن هناك طلب من المشتري للخدمات الجنسية لما كان هناك دعارة وسوق يؤمن النساء والفتيات من مختلف الجنسيات والأعمار.

في السويد مثلا يعاقب القانون الرجل باعتباره هو الأكثر حرية وقدرة واختيارا في شراء الجنس لتلبية حاجاته وليست المرأة، باعتبار هذه الاخيرة تخضع لظروف قاهرة، إما مادية أو اقتصادية وغالبا ما تكون تحت ضغوط اجتماعية كالتهديد أو الفقر أو الهجرة غير الشرعية وما إلى ذلك. وهذا يعني أن الظروف الاقتصادية أحيانا عامل أساسي في عملية الدعارة بالنسبة للمرأة، وعليه فإن المعادلة البسيطة ” لا طلب لا عرض”.

إضافة إلى ذلك؛ لا احد ينكر بأن للرجل شهوة جنسية لا يستطيع السيطرة عليها وأنه يجب إشباعها حتى ولو اقتضى الأمر شراء الخدمات الجنسية تساعد الرجل أكثر لتلبية حاجياته، وإشباع شهواته، لأن العكس يؤدي عند البعض لمشاكل نفسية وعواقب اجتماعية وخيمة، كارتفاع نسب الاعتداءات الجنسية والاغتصاب إلخ.. وأمام كل هذه المعطيات، عندما نشير بأصابع الاتهام للمرأة فقط عند تناول قضية الدعارة، يبقى تناولا مغلوطاً، ومظلماً في حق المرأة، لأن الحقيقة هي، عندما نتكلم عن الدعارة لا نعني بالضرورة المرأة فقط، بمعنى ان الدعارة لا تساوي المرأة فقط، وحتى في الدين الاسلامي فإن الآية القرآنية نصت على “الزاني والزانية”، ولم تذكر الزانية فقط.

راضية بوديسة

مقالات ذات صلة

إغلاق