آراء وتحاليل

رسالة إلى أمهات المعتقلين.. بقلم علجة سامية

ترددت كثيرا قبل كتابة هذه الرسالة، ليس لأنني لا اريد كتابتها ، لكن لكثرة عددكم وراء القضبان لا اعرف لمن ارسلها ،ربما للجميع .
خاصة عندما ارى امي قلقة علي عند مغادرة البيت كل صباح، و محبطة اكثر فأكثر إلى أن ادخل.فكرت في كل تلك الأمهات الللاتي لم يتاح لهن الكثير من الوقت لرؤية ابنائهن لمرة اخيرة قبل ان يلاحظون انهم لم يدخلوا البيت ، بالرغم انه كان من الأجدر ان يكونوا في المنزل، قبل اخبارهن اياما قليلة بعد الحدث عن تواجد ابنائهم في مقر الشرطة او في السجن . السبب؟ هو ما نطالب به كلنا ان تحيا الجزائر ، ديموقراطية، متعددة و حرة .
عزيزاتي الأمهات ،
افكر فيكن ، و افكر ايضا في امي التي يأست مني، اكتب اليكن هاته الرسالة مثلما اكتبها لأمي التي لم تتمكن من فهم ان دخول السجن من اجل ان تحيا الجزائر، ليس عيبا او نهاية الحياة. افكر ايضا في امهات تلك الآنسات اللآتي تم سجنهن لأنهن عبرن عن ارائهن ، لأنهن تناضلن من اجل تحرير الجزائر.
أيها الأمهات، جعلتمونا رجال و نساء احرار ، مسؤولين بالأخص حائريين على مستقبل الجزائر ، على ابنائنا ، على ابناء اخوتنا، على ابناء الجيران، محتارة على مستقبل هذه الشبيبة التي يأست من الذهاب الى اماكن اخرى غير مضمونة ، حتى و لو استلزم بهم الأمر الذهاب على متن صفيحتين خشبييتين ، على كل هؤلاء الذين ماتوا في مكان ما في البحار، على هؤلاء الذين هربوا ابنائهم ، على هؤلاء المتواجدين تحت سموات اخرى لأنهم يأسوا من العيش في منازلهم بارغم من تواجد الدفئ العائلي.
محتارين على مستقبل هؤلاء، المضطرين على ارسال ابنائهم بيع الخبز على حافة الطريق السيار، حيث خطر الموت يطاردهم ، تحت اشعة الشمس بدلا من ارسالهم الى المدرسة ، على كل الجزائريين الذين يؤمنون دائما بامكانية الحياة ، الذين يستيقضون صباحا للذهاب للعمل و يعملون على بناء مستقبل لأبنائهم و الذين مازالوا يقاومون من اجل جزائر ديموقراطية، لتحرير كل الأصوات ، تحرير المقموعين ومن اجل إرساء العدالة فوق كل الاعتبارات ، عدالة خالية من تصفية الحسابات .
كونوا فخورين بأبنائكم و خاصة بناتكم، كلنا عبدالوهاب، مناضلين من أجل الوطن، كلنا نورالهدى، و كل الذين اعتقلوا ولا نعرفهم شخصيا، كل شيئ قاموا به هو الثورة و النضال بطريقة سلمية ، ضد اجحاف العدالة، ريثما ابناء هؤلاء الذين يسجنوننا في امان مطلق .
نناشدكم ان تقاوموا معنا، ان تبقون قويات من اجلنا، لأننا نستمد شجاعة الاستمرار من مقاومتكم، نستمد املنا لجزائر افضل من كل السنين التي قضيتينها من اجل ان تقدموا لنا رجال و نساء احرار.
ايتها الأمهات العزيزات، ابنائكم يقبعون وراء القضبان ، لكن اعلمن انهم يتمتعون بحرية اكبر من الذين جعلوهم على هذه الحالة. انهم معتقلين اليوم لكن سوف تشرق الشمس غدا في جزائر ممتنة لتضحياتهم و تضتحياتكن انتن ايضا، كن فخورات بنا حيث يمكننا الالتحاق بهم ، لكننا مواصلون في النضال ، لأننا لسنا افضل من بورقعة اليوم، و ليس افضل من جميلة بوحيرد البارحة.
نناشدكم ان ان تبقين شجاعات و ايضا ان تدعين لنا و للجزائر، ان تبتسمن كل صباح لأن لا يوجد شيئ اقوى من ابسامتكن و لا شيئ يهدد هذا النظام الا مساندتكم، هذا الذي منقذنا .
رسالة لأمهات المعتقلين و ايضا لأمي التي تخاف علي كل يوم ان لا تراني ادخل المنزل مساء.

بقلم علجة سامية الصغير

مقالات ذات صلة

إغلاق