آراء وتحاليل

تركيا اليوم … القوات تتقهقر

تركيا الدوله المنسلخه حديثاً من قبضه الجيش الذي كان يسيطر على مفاصل الحكم شأنه شأن جيوش دول العالم المتخلف من العرب و الأفارقة الذين يمجدون الجيش ويرونه سلطه فوق القانون، الجيش التركي الذي يحمي العلمانية والذي كلما أرادت تركيا التحرر من قبضته إلا وقام بإنقلاب وغالباً ما ينجح، لكن هذه المرة،فشل لأن الشعب قال لا ولأن الوعي السياسي والحضاري تمكن منه السياسي المعارض قبل الموالي والشعبي البسيط قبل السياسي المحنك، فالجيش الذي قام بأربع انقلابات ابتداءًا من 1960 إلى 2016 مروراً بإنقلاب 1971 و1980 و1997 الذي كان ضد الزعيم الإسلامي نجم الدين اربكان، هذا التاريخ المرير للجيش جعل الشعب التركي يضيق ذرعا من هذه الوضعية، لذلك لما وجد في حزب العدالة والبيان الحاكم الذي يمكن أن يخلصهم من هذا الوباء (انقلابات الجيش) إلتف حوله المخالف قبل الموالي ودعمه، فأردوغان وحزبه في كل الإنتخابات كان يكسب أصواتا جديدة، ليس لأنه إسلامي أو أنه يتاجر بقضايا الامة كما يفعل بعض الظواهر الإنتخابية في بلاد العرب وأفريقيا، بل لأن إنجازاته هي من تتكلم عنه إبتداءً من رئاسته للبلدية إلى رئاسة الدولة، ولا يختلف إثنان أن أردوغان وحزبه وشركائهم السياسين إستطاعوا أن ينتقلوا بتركيا من دول العالم الثالث إلى دول العالم المتقدم فإقتصاد تركيا من بين العشره الأوائل في العالم و في العام الحالي معدل النمو الاقتصاد التركي الأول اوربيا، فضلاً عن إحتلال شركة الطيران التركية للمرتبة الأولى في أوروبا، وازدهار الصناعة والتجارة بشقيها الداخلي والخارجي واستقرار معدلات البطالة، كما عمل أردوغان على تحييد الجيش عن الحياه السياسية كما عمل على إعادة هيكله الشرطة وجعلها أكثر إحترافية ، فنحن شاهدنا كيف كانت تحمي الإنقلابين من غضب المواطنين وذلك لتضمن لهم محاكمة عادلة، كما عمل أردوغان على تغير عقيدة الشرطة من الولاء للمتغلب إلى الولاء لمن أتى به الصندوق مهما كانت مرجعيته، فالصندوق أصبح مقدسا في تركيا وأردوغان لم يأتي على ظهر دبابة ولا بإتفاقيات مشبوهة أو بتلاعبات خارجية أو صفقات مع دول أو هيئات أجنبية، بل جاء بشرعية الصندوق الذي يخافه حكام العرب وإفريقيا فحقق إنجازات كبيرة في فترة وجيزة، فخدم شعبه وصدقه، فكان الشعب في الموعد عندما احتاجه رئيسه فبمكالمة هاتفية إستطاع إخراجه إلى الشارع لكي يدافع عن صوته وعن إختياره وفعلاً لبى الشعب النداء وقام بالواجب لأنه شعب واعي ومتحضر وغير انتهازي، شأنه شأن الطبقه السياسية والنخب المجتمعية عكس ما عندنا تماما، إن الرئيس التركي قد قدم السبت فوجد الأحد، وأن رئيس الوزراء التركي كان صادقاً إلى أبعد الحدود عندما قال أن تركيا ليست دولة إفريقية، صدق وصدق شعبه الذي كان يحمي اختياره ولسان حاله يقول… تركيا اليوم…. القوات تتقهقر.

بقلم فاتح بن حمو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق