آراء وتحاليل

سياسة الببغاوات بقلم أميرة بوراوي

السياسة في الجزائر لم تكن يوما في المستوى المطلوب حتى وإن سطع في تاريخ الجزائر أسماء بارزة وخاصة تلك التي ساهمت في استقلال وتحرير الجزائر. منذ عشرات السنين ونحن نواجه صعوبة في تجديد الفضاع السياسي المتصحر علما أن السياسة منذ عصور آفلطون وآريسطو هي ليست إلاّ معارك الحجج والإستراتجيات . السياسة هي اساسا البحث عن الطريق الأصلح والأنسب الذي يضمن للمجتمع أن يعيش تحت لواء الإنسانية والكرامة و خاصة أن يكون حرّا في محيط يضمن له الإحترام ويضمن للآخر إحترامه . صحيح أنّ هذا الشعب لم يعرف معنى المتعة والحرية بل أكثر من هذا ذاق عذاب الإستعمار الذي عان منه بداية من الإحتلال الروماني وصولا إلى الإحتلال الفرنسي الغاشم . صحيح أن الشعوب لا تخرج معافات تماما من جرّاء ومخلفات الإستعمار ولكن على الأقل كان بإمكاننا الإستفادة من تجربة المقاومة التي تعتبر في حد ذاتها من أهم مكتسبات هذا الشعب , ولكن وللأسف الشديد بالنسبة لنا وكما يقول المثل الشعبي (الركبة كانت مايلة من الّلوّل) وكل عاقل غيور على وطنه لا يستطيع أن ينفي أنّ ما يحصل اليوم بالجزائر هو تجسيد فعلي للمثل الشعبي (الداب راكب على مولاه) فعندما تقع قيادة هذا الوطن بيد من لا يرى فمن المستحيل ان ننتظر الوصول إلى وجهة آمنة. إذ اعتبرنا أنّ هذا الوطن عبارة عن آلة أصابها عطب فلن نستطيع أن نتصوّر سوى احتمالين, إمّا بروز أشخاص يصونونها لتعود لعملها الطبيعي أو إنّه الإنفجار الحتمي . صحيح أنّ الشعب الجزائري ثعب كثيرا بسبب ما مُورس عليه من ضغط وخطط لتجهيله وإضعافه ولكن هذا لا يعني أنه شعب ذكي, صادق , يبحث عن الحقيقة ولا يحب من يتلاعب به ويستغله وسيكون من الصعب عليه أن يتقبل فكرة أنّ الجعوع الذي سيطاله لا مفّر منه بسبب الإخفاق الإقتصادي كان مسألة إدارة مصالح شخصية . من حق الشعب أن يعرف أنّ ما يعيشه وما سيعيشه من أزمات هو بسبب سوء تسيير من يحكموننا . ما يحصل اليوم بالجزائر شبيه جدا بقصة النملة والصرصور الذي غنى طول الصيف وطلب من النملة أن تمده بالقوت في فصل الشتاء. للأسف الرداءة والجهل لا تدمّر الشعوب بالحروب والدّم والدموع ولكن تحضّرها لتعيش الحروب والدّم والدموع. لا يزال لدينا مجال للمناورة, العمل هو أساس الخروج من الأزمة, من هم مسؤولون عن ما آلت إليه الجزائر يستطعون الرحيل بهدوء وحتى بدون حساب, لقد عفوْ عن المجرمين فكيف لنا أن لا نعفوا عن اللصوص. لا يزال لدينا مجال للمناورة لنصنع من الجزائر جوهرة المتوسط لتحتل مكانتها في السياحة والفلاحة والصناعة . لا يزال لدينا مجال للمناورة لخلق مئات آلاف مناصب الشغل وتحقيق إستقلالنا من تبعيّة المحروقات. هذا الوطن أمانة بين أيدينا تركه لنا أجدادنا فمن واجبنا أن نحافظ عليه لنسلمه إلى أحفادنا في أحسن صورة .

بقلم أميرة بوراوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق