آراء وتحاليل

بين اكتوبر 88 وفيفري2019…حلم حرية يتجدد

 

32 سنة تمر على اكبر تجربة ديمقراطية خاضها الجزائريون بعد الاستقلال بعد احداث 5 اكتوبر 1988، التي راح ضحيتها ارواح شباب كان دافعهم عطشهم للحرية والديموقراطية. 32 سنة تضاف إليها سنة كاملة من حراك شعبي رفع مطالب التحرر والعدالة المستقلة والصحافة الحرة والديموقراطية، وكأن التاريخ توقف عند الخامس اكتوبر لياتي بعدها 22 فيفري 2019.
ما الذي تحقق غداة اكتوبر 88؟ لماذا لم نحافظ عليه؟ تجربة ديمقراطية قصيرة الزمن تم وأدها في المهد، صحف متعددة واحزاب سياسية، اصلاحات سياسية..هل كانت مجرد ذر للرماد في الاعين؟ وهل نملك حق مقارنة نضال اكتوبر بنضال فيفري 2019؟
سعيد صالحي: نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان
يعتبر تاريخ 5اكتوبر 88 منعرجا حاسما في تاريخ الجزائر المعاصر، في مسيرة تحقيق الديمقراطية والتعددية. وانا اليوم انحني امام ارواح شهداء اكتوبر والجرحى.
للأسف الشديد، هذه التجربة لم تعش طويلا فسرعان ما تم اخماد فتيل الديمقراطية بجر البلاد الى مستنقع العشرية السوداء. اليوم وبعد مرور 32 سنة عن هذه الذكرى وفي قلب الحراك من اجل التغيير الذي لم ينته حيث يعتبر امتدادا لكل النضالات، للأسف تتعرض كل المكتسبات التي جاء بها اكتوبر 88 الى التضييق. لهذا فقناعتنا بوجوب استمرارية التجند والنضال والتنظيم من اجل حماية الحريات الديمقراطية. لا يمكن أن تكون ديمقراطية دون ضمان الحريات.
يجب ان يكون تاريخ الخامس اكتوبر ايضا فرصة للمطالبة باطلاق كل سجناء الرأي والصحفيين

حسان موالي: كاتب صحفي

اما عن حرية التعبير والصحافة، فيقول الكاتب الصحفي حسان موالي، ان الفترة التي تمخضت عن احداث الخامس اكتوبر كانت حافلة بالنقاشات الحرة رغم الاختلاف وكان التلفزيون العمومي ينقل النقاش والجدل عبر حصصه،كما شهدت ذات الفترة ميلاد عدة صحف واحزاب سياسية وخروجها للعلن بعد سنوات بقاءها دون اعتماد على غرار الافافاس والباكس والمنظمة الاشتراكية للعمال الذي اصبح فيما بعد حزب العمال والحركة الديمقراطية للتجديد الجزائري (MDRA) لسليمان عميرات ، كانت بالفعل مرحلة مفصلية في تاريخ الجزائر، اعتقدنا أنه فعلا دخلنا الى غمار خوض تجربة الديمقراطية الا ان النظام سرعان ما قلب الموازين وتحضيره لفوز حزب الفيس في تشريعيات 1991 وبعدها توقيف المسار الانتخابي والافرازات التي حدثت بعدها .
للأسف الشديد، 32 سنة بعدها نتيقن ان نتائج اكتوبر 88 ستبقى حلما بعيدا، كما أعتقد أن ثورة 22 فيفري سيعرف نفس مصير اكتوبر 88 حيث ان نفس رجال السلطة الذين عملوا مع الرئيس المخلوع بوتفليقة هم في نفس منظومة الحكم اليوم.

حبيبة لعلوي: ناشطة ثقافية
شبابنا مازال يحلم بالحريّة .. بعد اكثر من ثلاثة عقود من مطالبات 5 اكتوبر اكتشفنا جميعا في 22فبراير أن الشارع مازال يرفع المطالبات نفسها ويحمل نفس الجروح المتعلقة بالتعطش الى فرص للتعبير عن ثرائه الثقافي، لم تكفنا هذه العقود الثلاث لمداواة جراحنا لأنها كانت مثقلة بالدماء ثم بالصمت واللامبالاة المتواطئين مع مشروع فساد مؤسس.. الحقيقة لايمكننا ان نفصل الحق في حرية التعبير الثقافي عن حريّة التعبير كجوهر وحق لعموم المواطنين.. الفرق بينهما ان للمبدع دوما طرق للتحايل على سياسة التكميم في حين يغرق المواطن في حالة صمت او عنف مرضيين.. التسعينيات كانت عامرة بالاعمال الفنيّة التي حاولت ان تثأر لخسارات اكتوبر اعمال احيانا وصفت بالاستعجالية ولكنها كانت بحكم الضرورة التنفيسيّة .. نحن الآن أمام موجة ثانية من المطالبات بالحريّة والحجر عليها.. وثمة استنزاف موجع لرأس مالنا البشري الذي صار مستثمرا بالخارج .. نعيش أوضاعا اجتماعية واقتصادية وسياسية صعبة لايمكن الا تكون مدعاة لمزيد من الابداع الثقافي المخلّد لهذه الذاكرة ..اقل واجب على المبدعين اليوم هو تمثل كل هذه الاوجاع في أعمال فنيّة أما أهم حق لهم فهو ممارسة هذه المطالبات مع عموم مواطنيهم .. ثم علينا ان نورث للأجيال الجديدة شهادات عادلة وعاقلة عمّا عشناه من اكتوبر 1988 الى فبراير 2019 .. فاهم داء نعاني منه هو النسيان ونقص الاستثمار في الذاكرة.
يبدو ان معظم فئات المجتمع من مثقفين وناشطين سياسين وحقوقيين واعلاميين يجمعون ان حلم تحقيق الديمقراطية في اكتوبر 88، والذي راودنا في فيفري 2019 يبقى متجدددا الى غاية تحقيق المطالب المعلقة والمرفوعة الى حين.

طاوس اكيلال

مقالات ذات صلة

إغلاق