سياسة

ما الذي يزعج الاسلاميين من تعديل الدستور؟

"العلمانية" ومواضيع الهوية تهيمن على النقاش حول الدستور

 

 

حسمت معظم التشيكلات السياسية موقفها من الدستور الجديد دون مفاجأت تذكر بعد مواقفها المعلنة فور نشر مسودة لعرابة. و بقيت احزاب المعارضة على غرار الارسيدي والافافاس على موقف الرفض القاطع للذهاب نحو الاستفتاء الشعبي، فيما ابدت احزاب التيار الوطني التقليدية منها والجديدة على غرار تحالف قوى الاصلاح الوطني التي اعلنت عن التصويت لصالح الدستور، اما الاحزاب ذات التوجه الاسلامي فحسمت موقفها برفض الدستور الجديد والتصويت بلا.
بين “نعم” و”لا” والمقاطعة، تنحصر العديد من المعطيات التي قدمتها مختلف الاحزاب السياسية امام مناضليها في محاولة لشرح موقفها ازاء الاستحقاق المقبل. وان بدا موقف كل من حزب جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من اجل الثقافة والديموقراطية بالمقاطعة وربطه بموقف سابق اتجاه إنتخابات 12/12 ورفضه للسلطة الحالية، وكذا احزاب التيار الوطني التي تقف في صف السلطة، جاء موقف الاسلاميين بالذهاب الى الاستفتاء والتصويت بلا. هذه الاخيرة التي جاء قرارها ببنط عريض، الدستور يقر العلمانية منهجا ويضر بالهوية الوطنية! فما الذي يزعج الاسلاميين من الدستور الجديد؟
رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، دعا الشعب الى تحمل المسؤولية أمام ما اسماه بالوضع الخطير، والتصويت بـ”لا”، وحسب مقري ان الخطر يكمن في “وجود فقرات مسمومة تهدد الهوية منها “حيادية المدرسة”.
وأكدت حركة النهضة الجزائرية، عقب اجتماع طارئ لمجلس الشورى، أنها ترفض المشروع الدستوري. وجاء في البيان أنه تقرر “التصويت بلا في الاستفتاء الشعبي”، وأن “هذه الوثيقة (مشروع التعديل الدستوري) ليست توافقية ولا تعبر عن الأغلبية الشعبية، بل تكرس خيار الأقلية”.
كما قرر حزب “جبهة العدالة والتنمية”، في ختام اجتماع مجلس الشورى الخاص به، التصويت بـ “لا” على مشروع التعديل الدستوري، وعلى لسان رئيس الجبهة، في كلمة القاها خلال الاجتماع، إن “هذا الدستور وضعه تيار واحد هو التيار العلماني ذو النزعة الاستئصالية”، معتبرا ان “هذا التيار يتبنى العلمانية بالمفاهيم الفرنسية، وهي متطرفة وتحاول تجريد الدولة والشعب من ثوابتهما وعلى رأسها الإسلام”.
ورغم ان الرئيس عبد المجيد تبون كان قد صرح سابقا في مقابلة مع وسائل إعلامإن “مسائل الهوية في البلاد تم الفصل فيها منذ زمن ولا مجال لمناقشتها والإسلام سيبقى دين الدولة الجزائرية”، الا ان الاحزاب الاسلامية، بررت موقف الرفض للدستور بان ثوابث الهوية الجزائرية في خطر؟ وهو الامر الذي تحدث عنه جاب الله امام اعضاء مجلس الشورى، حيث قال ان “شق سياسي يتعلق بغموض نظام الحكم، وآخر بخصوص مواد تريد أن تجعل المدرسة والمسجد بعيدين عن هوية الشعب وعدم اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع”، وهو ما اتفقت عليه معظم الاحزاب الاسلامية.
هي ليست المرة الأولى التي يندد بها زعماء الاحزاب ذات التوجه الاسلامي من “الطابع العلماني” للدولة، رغم ان ديباجة الدستور تبدو واضحة في هذه النقطة، حيث يعتبر الدين الاسلامي دين الدولة، وهو ما ينتقده ايضا العلمانيون من جهة اخرى، فهل تحجج اخوان الجزائر وراء بعبع العلمانية لرفض مسودة الدستور لاسباب أخرى، فالاختفاء وراء مناقشة مواضيع الهوية تغطي الغوص في مواضيع اخرى متعلقة بالحريات والحقوق وهو الامر الذي يبقى بعيدا عن النقاش الحقيقي. وبين رافض ومقاطع ومهادن، مواقف التشكيلات السياسية تبقى دون مفاجأت تذكر.
طاوس اكيلال

مقالات ذات صلة

إغلاق