آراء وتحاليل

الجزائر حبي … بنكهة كولونيالية

بقلم: عزيز حمدي

عرضت القناة الفرنسية فرانس 5 روبرتاج مطول اخرجه الصحفي المغترب “مصطفى كسوس”، كان من المنتظر أن تتناول هذه العجنة الإعلامية موضوع الحراك أو كما يسميها الشعب ثورة 22 فيفري، لكن بمجرد ظهور جنريك النهاية حتى إلتهبت منصات التواصل الاجتماعي بمنشورات استهجانية معادية للروبورتاج حيث يرى البعض أن المخرج أراد معالجة قضايا معينة و عرض أفكار خاصة تمثل نظرته الضيقة ذات الخلفية الاستعمارية حول المجتمع الجزائري مستعملا سلم الحراك لبلوغ قمة هدفه.

ثورة 22 فيفري اختارت لنفسها توقيت سياسياً رسمت ملامح مصالحة وطنية حقيقية، مصالحة الشعب مع نفسه مع ماضيه طي صراعات الماضي لفتح صفحة جديدة فقد تفادى الشعب السقوط في كل فخخ العنف الذي أقسم الشعب الجزائري تطليقه، و لكن النزوة المتعالية للمستعمر أصرت على النبش في الماضي فأعاد الفيلم إلى الاذهان صور الحرب الاهلية التي عاشتها الجزائر تسعينيات القرن الماضي من دون أن يفصل فيها ما يتماشى مع الموقف الفرنسي من القضية “من يقتل من؟” ، هل كان لهذه الحرب وقع على الحراك؟ هل كانت مقدمة له الجواب هو لا

 

المتأمل في في الجانب التقني للفيلم يلمح بسهولة اللعب على وتر العاطفة نجح المخرج في استخلاص تعابير الحزن و وضعها تحت الكاشف ليغطي فراغ في المحتوى مستغلا بذلك صدق المستجوبين أمر علقت عليه مقدمة البرنامج بعد نهاية الفيلم محدثة المخرج، “شكراً على هذا الفيلم المؤثر”

مؤثر كلمة لم يفهمها الجزائري البسيط الذي ربما كان ينتظر أن يكون هذا الروبورتاج متنفس له يعكس مطالبه التي اخرجته الى الشارع منذ 15 شهر بعد الحصار الإعلامي المفروض على هذه القضية،  لم يرى الشعب مطلب العدالة الاجتماعية و ارباب العائلات التي تتشرد مقابل قوت أولادهم، ولا عشرات الشباب القابعين في السجون من دون محاكمات ولا الفساد الذي طال كل القطاعات، فقد اختصر المخرج على موضوع الحريات وفق منظور غربي خام، فقد أشار إلى أزمة السكن بمثال مراهقين لم يجدوا ملجأ لتناول الكحول أو التفرغ لحاجاتهم التلذذية في ديكور كان مرادفا للرفاهية علما أن عائلات بأكملها تسكن أوكار ً لحماية أولادها، طال الحديث و لمع المخرج جمل تناولت الحرية الجنسية و حرية احتساء الخمر و عن جرأة الحديث عن الافلام الاباحيه بين البنت و أمها، صفات رآها بعض المشاهدين دخيلة عن مجتمعنا في تساؤل شوش على بوصلة المشاهد فما يسمى طابوهات حددها المجتمع وليس النظام و الحراك كان ولا يزال ثورة ضد نظام الحكم فقد حكم البعض بالخلط بين ذلك و ذاك و غياب عناصر الربط بين هذه المعطيات.

الشيء الآخر المثير للجدل كيف يفسر المخرج زيارته لمناضل انفصالي فيما يعرف بحركة الاستقلال في منطقة القبائل في وقت اعتقل العشرات من الشباب من مسيرات الجمعة، كيف للمخرج أن يصور لنا حالة اليأس عند شباب يمثلون نخبة المجتمع فمنهم من يحلم بالهجرة و منهم من تكلم عن استحالة رؤية ابنه يكبر في بلد لا حلم فيه و الحراك يشغل الأمل عند الملايين من الجزائريين؟ لماذا هذا الفيلم الآن؟ لماذا تلفظ المخرج بكلمة الحزن في آخر استجواب مع الشاب المحامي مشيرا اليه بتكرارها  زمن ثورة تسمى ثورة الابتسامة

كلها كانت أسئلة لن يجد لها جواب إلا مخرج الفيلم، الذي اشعرنا انه كان ييحث عن خاتمة مفقودة فالخلل الكرونولوجي في الفيلم اظهر شرخ في الانسجام و كأن الفيلم لم ينتهي و عمل المخرج على تركيبه بعجالة لبثه في هذا التوقيت، في وقت فضل العشرات من المخرجين الجزائريين كرشيد بن يحي التريث و عدم بث هذه الوثائقيات الآن، لعدم إعاقة الثورة أو لتفادي الجدل

تأكدنا مرة أخرى أنك عندما تخنق الصحافة في بلدك المضمون الصحفي يصنعه لك الآخر حتى لا نقول العدو

مقالات ذات صلة

إغلاق