آراء وتحاليل

رسالة إلى حكيم عداد.. معتقل الرأي

حكيم صديقي العزيز ..

‬ في هذه الأثناء وأنا أخط لك هاته الكلمات انت في الطريق إلى السجن. في هذه الأثناء بالضبط أحس أنني أغادر قوانين العالم التي أعرفها٬ أكفر بكل المواثيق والنصوص الدولية. في هذه الأثناء اريد أن البس ثوبك٬ وثوب كل معتقل رأي وأقول: “لقد أصبحت سجينا، أنا المواطن الجزائري الذي تم انتهاك حقوقي وفقا للدستور٬ للقوانين الجزائرية٬ وفقا للاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها الدولة الجزائرية. أنا المواطن الذي أعتقلت وزج بي في السجن لأني بالنسبة لهم وعن طريق الكتابة مسست بالأمن واستقرار الوطن٬ لكن الحقيقة هي قد ضاق هذا النظام ذرعا بانتقاداتنا٬ بشعاراتنا بكلامنا ونضالنا.

منذ أيام كنت يا حكيم تناضل وتندد ضد إعتقال صديقك أحسن وكل معتقلي الرأي٬ كنت تناضل ضد هذا النظام الظالم الذي اعتقل اصدقاؤك٬ وضد الذين يشمتون في سجنهم ناسيا أن البلد كله اصبح معتقلا للرأي.

اعتقلوا أصدقاؤك لعلك تصمت٬ لكنك كنت عنيدا٬ اعتقالهم زادك حسما ومثابرة. ماذا كانوا ينتظرون باعتقالهم مثلا ؟ أن تصطف مع النظام وتنسى ذهاب الحكومة٬ تنسى المسار التأسيسي والانتقال الديمقراطي؟ تكف عن رفضك للانتخابات وعن المطالبة بالجزائر الجديدة؟
كيف ذلك وانت الذي تم اعتقالك بطريقة تعسفية٬ بإحدى مقاهي العاصمة٬ بحق رب العرش٬ اخبرني كيف كنت تشعر عندما لاحظت غرباء يقتربون منك؟ عندما تأكدت بأنهم جاؤوا من أجلك هذه المرة ؟ عندما قبضوا عليك .. ماذا قلت في نفسك ؟
أتذكر جيدا الهيئة التي كنت عليها لحظة إعتقالك ساعات بعد الحراك٬ كنت ترتدي سروال جنز٬ قميص ابيض ووشاحك الأحمر٬ أعلم أنه وبالنسبة لك لم تكن الهيئة المثالية للإعتقال٬ انت الذي كنت تقول لي مازحا٬ علي الفرد منا أن يكون بكامل أناقته يوميا٬ فهو لايعرف متى يتم إعتقاله.
أنا التي كنت أدعي الشجاعة٬ اعتقالك دمرني ياصديق٬ كيف لي وبهذه البساطة أن أستوعب وجودك بالسجن٬ أن اقبل بذلك؟ فهذا الأمر من حيث المبدأ مرفوضا… أنا التي كنت أشك في صوب الصواب وفي خطأ الخطأ٬ اليوم صرت أشك في وجود الصواب والخطأ أصلا في بلد أصبح فيه الكلام جريمة يعاقب عليها.

 

بقلم راضية بوديسة

مقالات ذات صلة

إغلاق