آراء وتحاليلرؤية

الاستفزاز من اجل البقاء في الحكم

 

الاستفزاز، إحدى الاستراتيجيات التي تستخدمها الأنظمة الشمولية باستمرار من أجل تأكيد سلطتها. بالنسبة لموريس لاپورت، الاستفزاز هو حجر الزاوية لدى الشرطة السريةفي وقت النظام السوفياتي ، في حين اعتبرت هانا أرندت أنه نسخة شمولية من الإستشارات الإنتخابية.
رؤيتان يمكننا إسقاطهما على النظام الجزائري.
بكونه حجر الزاوية، فإن الاستفزاز يبقى الملاذ الدائم لهذا النظام.
في نفس الوقت الذي تزرع فيه الرعب على الفضاء المادي ، فإن السلطة الفعلية عن طريق المرتزقة الافتراضيين (الذباب الإلكتروني) تعّفّن كل نقاش فكري وتغذي “الكراهية-الآلية” في الفضاء الأزرق.

إعادة الانتشار التكتيكي للسلطة الفعلية

. من الناحية التكتيكية ، تتكيف السلطة مع جميع المواقف التي تواجهها.
لفترة طويلة ، كان الغليان العام محصورا في الفضاء الافتراضي بينما كان النظام تحت حكم بوتفليقة يقبض على الفضاء المادي بقبضة حديدية ، على الرغم من أن هواة الحكم البوتفلقيونكانوا يسمحون بشيئ من الدغدغة لإعتقادهم انهم غير مزحزحين من اماكنهم.

الغليان في العالم الافتراضي تنبئ بحراك فيزيائي قام هواة النظام بتسريعه و تضخيم أهميته.
الخطأ الذي سيحاول النظام المتجدد عدم الوقوع فيه بإدخال ممارسات جديدة أقل فحشا وإصدار قوانين”افخاخ” أو مطاطية كما يفضل بعض رجال القانون تسميتها.

بعد صدمة 02/22 ، فقد النظام الفضاء المادي على الرغم من محاولاتها للقضاء على اكتساحه من قبل الشعب.
نكسة تدفع أي نظام شمولي يحترم نفسه لإعادة استثمار الفضاء الافتراضي الذي يعتبر حاضنة متمردة للثورات ومخططًا للثورات المادية

بدءاً من هذه الفرضية ورغبة في استعادة الفضاء المادي ، يريد النظام إنتاج ثورة مضادة افتراضية يحركها مرفوضي “الحراك” ويمونها مرتزقة إلكترونيون .
بعد ترويض الفضاء الإعلامي الكلاسيكي ، تركز السلطة الفعلية استراتيجيتها للغزو النفسي للشبكات الاجتماعية على:

: 1 / الهجوم: تضخيم الحسابات المؤيدة للنظام والإبلاغ عن الحسابات المناهضة له.
2 / الانتظار و ترجي الآثار: إن تراكم الهجمات التي لا تعد ولا تحصى من قبل الذباب الإلكتروني (التعليقات البغيضة ، الابلاغ، إلخ) يترك انطباعا لدى الضحايا بأن “غالبية” الشعب لم تتحرر بعد ولا تزال ترهب أيديولوجيًا. (كل واحد يدعو همجية ،كل ما ليس من عاداته ، Montaigne).

في بعض الأحيان ندلي بأرقام بدون أي أساس: النصف! أكثر من النصف! الأغلبية! … إلخ ، فإذا اعتمدنا على الأرقام الرسمية نجد أن سوى30٪ من الناخبين صوتوا في 12/12 وشروط إجراء هذه الانتخابات غير نزيهة بالاطلاق.

أليس من الخطأ التضخيم عندما تكون البيانات محجوبة؟
ألن يكون من الحكمة مراجعةالفرد لعزيمته ومواجهة الواقع كما هو؟
ألن يكون من المناسب إضافة أبعاد جديدة للنظال بدلا من رمي المنشفة لعدم استحقاق الآخر لنظالك؟

الشيئ الذي يطول به عمر النظام الجزائري ليس عدد الأفراد الذين يدعمونه بل عدد أولئك الذين يعتقدون أن هناك الكثير ممن يؤيدونه.
لهذا النوع من المهمات بالتحديد يوجد فرع الاتصال بالشرطة السياسية ،موازاة مع تجميل الحقائق للفئة المنبطحةتسعى الشرطة الإعلامية استعانة بالبروپاڤوندا الشمولية الى ترويض الفئات المتمردة و هذا لأسباب مختلفة منها الخوف،الحتمية والانهزامية،ومرافقتها الى عالم المستعبدين.

إن الاستفزاز متعدد الأوجه موجود في كل مكان وفي كل عملية يقوم بها النظام ، وبقائه يعتمد على ذلك.
فمسودة الدستور ، ومراجعة قانون العقوبات ، واعتقال النشطاء ، الخرجات الإعلامية لاتباع النظام ، وإرضاء الفئات الأقل مطالبة … إلخ هي طرق لتفكيك قوة العدو وإرساء حجر أساسه و أيضًا لاختبار درجة حرارة الرأي العام في بعض المسائل وتحديد الحدود التي لا يمكن تجاوزها حتى لا تثير تسونامي له.

استشارة الرأي العام السياسي بطرق مؤسساتية وديموقراطية سيكون قاتلا للنظام الجزائري ، وبالتالي فإن الاستفزاز يظل وسيلة فعالة لتعزيز سلطته من خلال إثارة الانقسامات ورعايتها و كذالك توّقُع ثم تحييد أي تهديد بتسبيب الاستفزاز وتقييم ردود الأفعال.

مقالات ذات صلة

إغلاق