آراء وتحاليل

إفتتــاحية الشعب : “ماكاش الإنتخابات يا العصابات”.. بقلم راضية بوديسة

الجمعة الثانية عشر من عمر الثورة، اليوم الخامس من شهر رمضان، الساعة العاشرة صباحا. العاصمة البيضاء تتزين بأبهى اللافتات وأجمل الأعلام الوطنية.
طفلة، في الحادية عشر من العمر تقف على حافة الطريق في شارع ديدوش مراد، تحمل لافتة مكتوب عليها : “ماكاش الانتخابات يا العصابات”، وأنت تقرأ اللافتة حتى تسمع أصوات تتعالى من الأعماق لمواطنين من كل الفئات، في مسيرة جابت الشارع عنوانها “ماكاش الانتخابات يا العصابات”. مسيرة رافضة للانتخابات 4 جويلية التي يريد هذا النظام فرضها على الشعب. مشينا مع المسيرة نردد معهم حتى نلتحق بالاصدقاء في ساحة أودان، في الطريق شباب يضع لافتات تحمل مطالب الشعب، شعب حي، ناضج يعبر عن آراءه ومطالبه بكل سلمية و بالوسائل المتاحة. في إحدى الشرفات لافتة مكتوب عليها ” الهدف هو مرحلة إنتقالية بلا وجوهكم”. أمامهم شباب يصرخ عاليا ” جمهورية ماشي كازيرنة”، شعب قرر أن يصرخ ليسمع صوته، شعب يدرك جيدا أن الشعوب الصامتة لا تصنع تقدما، و لا تحرر وطنا.
إلتحقنا بشارع أودان، على الرصيف يوجد مربع للنساء المناضلات من أجل حقوق المرأة، يحملن لافتة بها صور لبطلات، مجاهدات و ضحايا جزائريات. هن أيضا يصرخن بأعلى أصواتهن ليعبرن عن آراءهن، فالتعبير عن الرأي لا يحتاج لإذنٍ، “مدنية ماشي عسكرية”، “أولاش الفوت أولاش “، “جزائريات أحرار مايقبلوش العار”.
مشينا كُلنا معا تَحتَ أشعةَ شمسٍ صاطعة، وحرارة تجاوزت الثلاثين، ظروفٍ مناخيةٍ قد بدأت تنال من الحراك، في ولهة أَمطرت شُرفات المنازل ماءاً أنعش روح الحراك وأعطتهُ دفعةُ إلى الأمام، فَتعالتْ الأصوات مجدداً تَهتفُ ” دولة مدنية ليست عسكرية’، ” براكات، براكات من حكم الجينرالات”. كانت الساعة تشير إلى الثانية والنصف بعد الزوال عندما التحق بنا متظاهرون قادمون من نهج باستور، ومن شارع حسيبة، وصالنا إلى ساحة البريد المركزي، هناك حيث تَتَعالَى كل الأصوات، لتُعبر عن كُل الآراء بمختلف الشعارات، شعارات تَلتقي عند نقطة التقاطع، نقطة مشتركة وهي، لا لإنتخابات 4 جويلية، لا للوصاية العسكرية، نريد جمهورية جديدة مدنية ليست عسكرية.
هكذا، كان اليوم الثاني عشرة من عمر الثورة، على الساعة الخامسة و النصف بعد الزوال، ونحن عائدون أدراجنا، التقينا بشباب وشابات في مُقتبل العُمر، يرددون ” نّحوا بن صالح ونزيدوا بدوي … قولوا للقايد ما كالاه ينوي”، لا تتعب نفسك ياسيد القائد الأعلى للجيش، لأنه لا تستطيع هذه الحكومة أن تُديرَ إنتخابات حقيقية وشفافة. حكومة فقدت شرعيتها ووجودها. لا تتعب نفسك، فلا أحد يستطيع كبح جماح شعب إنتفض بكل فئاته ضد نظام فاسد.
علينا أن نكفر بكم لنستحق ثورتنا، لأن من كان من ضمن أوجه النظام الفاسد، لا يمكن ولا بأي شكل إلا أن يكون فاسدا. السيل غير المنقطع من التصريحات و الإدعاءات التي تنادون من خلالها باحترام الدستور، والحوار، و ضمان انتقال ديمقراطي عبر الإنتخابات، هي كلمات و كلمات فقط. بوسعكم أن تتحدثوا طوال الوقت عن خوفكم من الإنزلاقات التي قد سنأتي بها، لكن الحقيقة أننا نراكم جيدا، وندرك مدى خوفكم على مصالحكم. كنا نتمنى لو أنكم أنصتم لصوت الشعب، والإصغاء إليه وقراءة مطالبه قراءت صحيحة، والإستجابة لها، لنقتنع أنكم لستم ما أنتم عليه، فنحن شعب اتحدى من أجل مصلحة واحدة، هي مصلحة الوطن، شيء تفتقدونه أنتم، فنحن لا ننتمي لكم بقدر ما ننتمي للغد، الغد هو دولة القانون والديمقراطية في الجمهورية الجديدة، ذلك الغد هو المكان الذي لن تعرفوه أبدا.

بقلم راضية بوديسة

مقالات ذات صلة

إغلاق