آراء وتحاليلالأرشيف

عنابة، النّار تتغلب على الماء

لم يكن أحد يتنبّأ بأن أزمة الماء بعنّابة ستتخّذ المنحنيات التي وصلت إليها، الإهمال، قلّة الوعي، غياب المسؤوليّة، اللامبالاة، انعدام الضمير المهني…. وأسباب أخرى تبرر استمرار هذه الأزمة حسب المعطيات التي استقيناها، جفّت الحنفيات بولاية معروفة بخصبها وخضرتها، منذ القدم كان الرّومان يجمّعون مياه الأمطار والثلوج من أعالي الجبل، بطريقة عبقرية لازالت شاهدة عليها آثارهم باستعمال القنوات المصنعة يدويا من مادة الطّين، الموصلة للماء العذب من جبال الايدوغ إلى مدينة هيبون الرومانية…. جاءت فرنسا فاستغلت هذه الشبكة وطورتها…. هذا بالنسبة للشق التاريخي… فكيف وصلت الأمور إلى هذا الحد؟ غرق مسؤولي الجزائريّة للمياه بعنابة في قطرة ماء ما سبب جفاف وشح الحنفيات بولاية تنتمي إلى منطقة تعدّ الأولى من حيث منسوب المياه، سواء الجوفية منها أو الأمطار التي تتهاطل عليها خلال مواسم الغيث؟

جاء عيد الأضحى ليكشف المستور، وليزيد من معاناة سكّان مدينة عنّابة، الذين خرجوا إلى الشارع محتجّين على وضع يدوم في بالنسبة لبعض الأحياء منذ شهر، دون أن يعلموا أن المصدر الرئيسي المزوّد لسكّان ولايتي عنّابة والطّارف بحاجتهم من الماء، سد الشافية، قد أفرغ.

موجة الاحتجاجات التي شهدتها معظم بلديات الولاية، وأحياء المدينة بما فيها سكّان بلديّة سرايدي الذين أغلقوا طريق القرية الرئيسيّ ببناء جدار فوقه، سرّعت من ظهور المسؤولين ومحاولتهم إقناع النّاس بأن المشكل لا دخل لشركة الجزائريّة للمياه فيه، بل ذهب السيد والي الولاية إلى التحجج بشح نسب تساقط الأمطار، لكن الحقيقة غير ذلك تماما. ولاية عنّابة التي لم تنل حظّها من كعكة الريّع ولا من نسبة الرّمااد الذي ذر في الأعين خلال فترة البحبوحة، شطبت من أولويّات الحكومات المتعاقبة، منهم من يعزو ذلك إلى حسابات سياسية اقتصادية واجتماعية، الولاية التي قصم ظهرها التقسيم الإداري والذي اقتطع من رقعتها الجغرافية بلديات ومدن وقرى، ثم انتهاج منحى صنّاعي أريد لاقتصاد الولاية ان يتخذه، مع اهمال طابعها الفلاحي. ضف إلى ذلك عزوف النخبة ان وجدت عن الانخراط في العمل الجممعوي وهذا سبب رئيس جعل من عنّابة ولاية بلا معالم واضحة.

وبالرجوع إلى أزمة العطش التي فرضت على السّكان فيعزوها إطارات الجزائرية للمياه إلى سوء التسيير كما ذهب إطار من داخل الشركة. سوء التسيير وإفراغ الشركة من كفاءاتها مجلس ادارة سياتا سابقا وعلى رأسه رئيس مجلس الإدارة بموافقته على التنظيم المقترح آنذاك وعملهم على عرقلة الشراكة مع الألمان يتحمّلون المسؤوليّة في هذا الوضع، الألمانية في مشروعها سياتا الرامي لتزويد Gelssen Wasser لماذا لم تنجح شركة ولايتي الطّارف وعنّابة بشبكة توزيع للمياه يعوّل عليها؟ من الأسباب أيضا غلق وحدة الإنتاج و التي كانت تحوي رجال أكفاء يعرفون جيدا كيف يسيرون منشآت الانتاج من القنوات الرئيسية الى الابار الى محطتي المعالجة ماكسة و شعيبة، فعلى سبيل المثال كنا نعلم من نقص منسوب المياه المتدفقة لمحطة المعالجة ان هناك خللا في القناة او توقف احد الآبار، فنطلب تأكيدا من بوثلجة او محطة الضخ الملاحة فيتضح دائما انا تخميناتنا تكو ن قريبة من الحقيقة هذا لان القائمين على الوحدة انذاك كانوا حرصين على ان لا تضيع اي قطرة ماء اما لما الحق الانتاج بوحدة التوزيع همش الانتاج و ركزوا فقط على التوزيع و مشاكله فماذا توزع ان لم تنتج؟ نجم عن هذا الضوع سوء تسيير للموارد المائيّة، إيقاف الاعتماد على الابار 35 المتواجدة بمنطقة بوثلجة و منطقة بون بوشي والملّاحة، وتم الاعتماد كلّية على مياه السّدود. عدم الاعتماد على مياه الابار مرده عدم استخلاف الذين كانوا قائمين على صيانة تلك الابار والمحالين على التقاعد وهو مظهر اخر من مظاهر سوء التسيير… الشّارع دمية في يد من؟ يذكر أنه وفي عز الصّراع القائم بين حدّاد وتبون،

استغل برلماني معروف عن ولاية عنّابة انشغال الرأي العام بهذه القضيّة وقام بإنشاء 300 من لجان الأحياء الجديدة قصد التحّكم بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وأوّل استعراض للعضلات كان بتحريك الشارع المحلّي فيما بات يعرف بأزمة العطش بعنّابة، المعلومة التي تناقلها بعض الاخوة الصحافيين بعنابة دون التطرق إليها علنا، النّائب الذي سبق وان توسّط لبعض اتباعه واقاربه للظفر بمناصب جد حسّاسة بمختلف المديريات والشركات بولاية عنّابة قبل الانتخابات التشريعية السابقة والتي فتحت له نتائجها عهدة نيابية ثانية بمجلس الشعب. تجارة الصّهاريج على مدار ساعات اليوم يجوبون شوارع وأحياء البلديات الكبرى للولاية يبيعون الماء المنقول فوق شاحنات صغيرة، شاحنات لانساج ولاكنان، الصهاريج الخضراء المكتوبة بالطلاء الأبيض ماء بوقلاز. تجارة رائجة قد تدرّ على أصحابها أرباحا كبيرة وتضيف معطى آخر لأزمة الماء بمنطقة ترقد فوق 25 مليون متر مكعّب من المياه الجوفية ما يضعها في المرتبة الثانية بعد أدارا من حيث إمكانيات استغلال هذه الثروة التي تذهب سدا. كلّ هذه الأسباب لا تجيب عن تساؤلات المواطن العنّابي بخصوص أزمة الماء. السؤال الذي يبقى من دون إجابة أيضا وأخيرا، هو لماذا انتظر المسؤولون، بمختلف تخصصاتهم وقطاعاتهم، هذا الحد الكارثي للتحرّك في اتجاه اقتراح حلول تخفف أو تقضي على أزمة توزيع المياه بعنّابة وبالجهة ككل؟ ب

قلم ربيع خروف

مقالات ذات صلة

إغلاق