آراء وتحاليل

فقهاء السلطان وفتوى الأسعار! .. بقلم فضيل بومالة

فقهاء السلطان لا وظيفة لهم سوى أمور ثلاثة:

1. إرضاء الحاكم فيما يبغيه ويقوله ويفعله.
2.تخويف الناس من الخروج على الظلمة والفسدة من الحكام وتحنيط عقولهم وتطويع نفوسهم حتى يستسلموا للاستبداد.
3. الاشتغال الدائم على تحميل النصوص من قرآن كريم وحديث نبوي شريف ما لا يحتمل من المعاني والاوجه وتكييفها مع رغبات الحاكم وظروف الحال.

ما يسمى بفقهاء المملكة العربية السعودية،الا من رحم ربك، أصبحت يومياتهم في الفتوى من يوميات البورصة الدولية.
انظروا مثلا هذه الفتوى المستخرجة من سجل الفتاوى القديم والتي يروج لها جمع غفير من “الفقهاء” على المقاس.وكتابتي عنها ليس لأنها تخص السعودية ولكن لما من انعكاسات خارجية في الفتاوى والاقتصاديات ومنها طبعا ترددها في حالتنا الجزائرية.
ما هو السياق؟
ما إن عرفت إيران مؤخرا اضطرابات ظاهرها اقتصادي اجتماعي ولكن باطنها سياسي ديني مرتبط بثلاثي ولي الفقيه وسلطان الملالي، الباسيج وسلطة المنظومة العسكرية الأمنية واقتصاد البازار علاوة على المعامل الخارجي المركب، حتى سارعت السعودية إلى اتخاذ تدابير وقائية ريعية لمجابهة احتمال الانفجارات الاجتماعية من مثل رفع الأجور والتخفيف من بعض الضرائب. غير انها،بحكم العجز المالي واختلال التوازنات الاقتصادية الكبرى، راحت ترفع مثلا،وفي الوقت نفسه، أسعار الوقود ومواد أخرى.
وبحكم أن التأطير المجتمعي في السعودية يعتمد على التشبيك الأسري حول آل سعود بأذرع حماية دائمة هي العسكر والشرطة ورجال الدين الرسمي، فقد تجند هؤلاء،بالمئات، وبصوت واحد لإخراج حديث نبوي وتكييفه مع الوضع السياسي والاقتصادي الاجتماعي السعودي المتأزم. هدف تكييف الحديث هو تهذيب المجتمع و محاصرته بأداة “العقيدة” حتى وإن تعلق الأمر بفساد نظام الحكم وفضائحه الماليه وتخريبه لمقدرات السعودية الكبيرة جدا.
ما إن غلت الاسعار، تحت تأثير المعادلة الاقتصادية الصعبه،حتى تمت مواجهة “المتظاهرين المحتملين” بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل:
“غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّزَّاقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ”(رواه الترمذي وأحمد وغيرهما).

ملخص الفتوى أن الله هو الذي يرفع الاسعار..وكأنه هو الذي أوحى لآل سعود بذلك..وكأنه الله عز وجل هو المسؤول عن فساد المنظومة السعودية. تبا لهؤلاء من متفيقهين عالة على الفقه والفتوى والاسلام فما بالكم بالقرآن الكريم والحديث النبوي الصحيح!! هؤلاء المرتزقة لا يسائلون الحاكم السعودي ولا التاجر السعودي بالضوابط القيمية التي وضعها القرآن في باب المعاملات الاقتصادية والمالية والتي بها تضبط التجارة والبيوع والربح والاحتكار والغش والميزان،الخ.
طبعا، فتح هذا النقاش سيكشف أن الله عز وجل لم يخفض ولم يرفع من الأسعار في شيء لأن سننه الكونية لم تحترم ولم يعمل بها. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن ليسعر اي يحدد سعرا لاي بضاعة كانت لان المتاجرة مبنية على الحرية …حرية تضبطها قواعد وأخلاق لا ضرر فيها لتاجر ولا ضرار فيها لمستهلك.

وأخير، إذا كان الله جل وعلا هو المتحكم في الأسعار التي يتداولها البشر، فلماذا قرر آل سعود “التسعير” و محمد بن عبد الله،وهو النبي الرسول، لم يفعل ذلك لا بوحي من السماء ولا باجتهاد منه؟
تبا لكم ! أفسدتم الدين والعقل والروح …وكل شيء.
فضيل بوماله

مقالات ذات صلة

إغلاق