آراء وتحاليلبذور الأمل

بذور الأمل ( بقلم مريم سعيداني )

بذور الأمل

بماذا يحلم شبابنا؟ من يأخذ العناء ليتحدث و يسمتع لتطلعات عينة من شبابنا وواقعهم سيصاب بالذعر و الخوف الشديدين. الخوف ليس عليهم فحسب بل على مستقبل الدولة و بقائها.
عمر الشباب هو عمر الأحلام و التطلع للمسقبل. المكتسبات التي تحصل زمن الدراسة يتم بلورتها في مشاريع تطبق على أرض الواقع. تجارب تنجح و أخرى تفشل و الفشل في بعض الأحيان هو أفضل انطلاقة إذا وجد الشخص الدعم، وإذا كان واثقا من قدراته.الدعم و الثقة لا يأتيان من الأفراد فقط، بل من منظومة موجودة مسبقا قائمة على أسس مدروسة تدعم الشباب و ترافقهم من أجل أن ينجحوا في حياتهم و يأتوا بالقيمة المضافة لبلدهم.
الحلم هو أصل الابداع، و الإبداع يؤدي إلى الانتاج و الابتكار. الأمم التي تبدع هي مجتمعات في حركية مستمرة و هي مجتمعات رائدة، فهمت تلك الأمم  أن أهم شيء لاستمراريتها في عجلت التاريخ هو الاستثمار في الفرد، و بقيت المجتمعات التي لا تؤمن بالفرد و لا بالإبداع مجتمعات تابعة و مستهلكة لما تنتجه الأخرى.
في حين أن بعض الدول المتقدمة رغم توفر كل شروط ازدهار الفرد وجدت نفسها أمام معضلة شيخوخة مجتمعاتها و عدم توفر تلك الطاقة المحركة لعجلت التطور، لم توفر دول أخرى مثل الجزائر أدنى شروط العيش اللائق لأفراد مجتمع ثلاث أرباعه شباب. الدول المتطورت لتدارك هذا النقص اتجهت للأخذ من الخزانات الحيوية للدول التي لا تهتم بشبابها و ذلك باستقطاب الشباب ذوواالكفاءة و منحهم امتيازات تجعلهم  أشخاص مفيدون و منتجون للعلم و التكنلوجيا ولا يفكرون أبدا بالرجوع للبلد الأم.
و ضمن هذا السياق يجد نفسه شباب الجزائر اليوم، حبيس أحلام سقفها تأشيرة للخروج من سجن اسمه الواقع المرير.المدرسة التي هي المؤسسة الأكثر أهمية في بناء المجتمع و الكفيلة بزرع القيم في أولادنا أصبحت المدمر الأول لسلم القيم. و بعد مد و جزر من سنوات من التواجد المدرسي و ليس من التعليم، يتخرج الفرد و لم يحصل على أدنى مفاتيح مواجهة الحياة. و إن لم يتخرج و تسرب، فالكارثة أكبر.
شباب جزائر اليوم المتخرج و المتسرب محروم من الحلم، لم يبني له وطنه منظومة تجعله يفكر في العمل و الابداع. الهم الوحيد للشباب هو الحصول على تأشيرة للذهاب دون عودة، أو ركوب قوارب الموت للوصول إلى بر يعتقدونه بر أمان. و من يفكر في البقاء هو في أفضل الأحيان في قائمة انتظار للحصول على قرض اونساج أو شقة عدل، و يطول الحديث عن من نخر جسمه مرض المخدرات و الدخول و الخروج من السجون.
لماذا كل هذا الاحتقار لشبابنا؟ لقد تم التخطيط بإحكام لتدمير المدرسة و تدمير القيم الكفيلة بالنهوض بمجتمعنا. لقد تم استنزاف البلد من طاقته الحيوية التي غادرت إلى الخارج.  لقد تم إبعاد الشباب الذين هم الأغلبية الساحقة في المجتمع عن الحياة العامة من أجل الإستحواذ على دواليب السلطة.تم إبعاد الشباب عن السياسة و ذلك برسم صورة سوداء عن السياسية و عن رجال السياسة لكي يبقوا على الهامش متفرجين و هم يسمعون اسطوانة الاستقرار من شيوخ يمضون أغلب أوقاتهم بالتداوي في الخارج.
و لكن، و كما يقول المثل، دوام الحال من المحال، فقد ظهرت في مجتمعنا ظواهر صحية تبعث بالأمل. بدأ وعي جديد ينمو في المجتمع. فرغم سنين الغلق و النظرة الأحادية نرى شباب و بأدواته الخاصة و دونما أي مساعدة يبدع، و يبدع في بلده و ليس في الخارج. شباب يحاولون التكتل في جمعيات لا تشبه الأجهزه الموجودة من قبل، يحاولون غزو الحياة العامة و تغيير واقعهم. شباب مقاول يخلق شركات بمواصفات عالمية. شباب يرفضون الغلق و يطالبون باسترجاع المكان العام للتعبير عن ابداعاتهم، عن انتاجهم، عن اَرائهم السياسية. شباب يناضل من أجل بناء دولة الحق و القانون. شباب أكمل تكوينه بالخارج و يعود لأرض الوطن لتجسيد مشاريعه،..
فمن أجل تثمين هذه الظواهر الصحية في المجتمع، المسؤولية التاريخة تقع على عاتقنا، فيجب أن نكون نحن صناع الأمل، علينا الخروج من الهامش و عدم ترك الاَخرين يقررون مكاننا. علينا المشاركة و المساهمة في بناء واقع لائق لأولادنا في جزائرنا التي هي ملك لنا. إذا لم تكن الظروف متاحة، علينا خلقها. المأزق الجزائري هو سياسي، و الأمل سيرجع عندما يهتم الجزائريون بالحياة العامة سواء في جمعيات أو أحزاب سياسية، أو ببساطة الأخذ بزمام المبادرة.

بقلم مريم سعيداني

النتيجة

نص 2

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق