آراء وتحاليلالأرشيف

تشريعيات 2017:عوض عزل السلطة..المعارضة تساندها!!

أعلنت العديد من الأحزاب السياسية المصنفة في خانة المعارضة مشاركتها في الانتخابات التشريعية المقبلة ربيع 2017 ،وبغض النظر عن الدوافع التي أدت إلى مشاركة هذه الأحزاب فهي في الحقيقة تقدم بهذه الخطوة دعما قويا للسلطة .فالنظام الجزائري يعيش حالة ارتباك منذ سنة 2014 بعد هبوط أسعار البترول التي حرمت الجزائر من أكثر من نصف مداخليها المالية،خاصة إن علمنا بأن البلد يعيش من مداخيل المحروقات بنسبة 97 بالمائة.

حٌرم فيها  المجتمع من حقوقه وتم عرقلة تطوره وتحرره الذي طال انتظاره، وهذا في كل المجالات ،عدالة،حريات،اقتصاد،ثفاقة ،رياضة ويمكننا مواصلة عد المجالات التي عرفت تقهقرا كبيرا في الآونة الأخيرة نظر لغياب الاستشراف في التسيير لدى السلطة.

أمام كل هذه المعطيات نرى بأن مشاركة الأحزاب المعارضة في الانتخابات التشريعية القادمة تمثل قبول ودعم لسياسات سلطة الريع ،و اطالة في عمرها. وبالعودة الى الحجج والتفسيرات التي قدمتها الأحزاب المعارضة بعد اعلان مشاركتها فنجد جمل مكررة لا تقدم أي تفسير سياسي عميق لقرارها، فحجة “المشاركة التكتيكية”و”ربح ظهور اعلامي” لم تعد تجدي نفعا ولن تستطيع اخفاء شعور عدم الرضى الذي قابل به المجتمع المدني قرار المعارضة.

ويبدو أن المعارضة تفتقد للشجاعة لهذا لجأت الى مثل تلك الحجج لتبرير خوض سباق محسوم سلفا ،مع العلم بأن هذا القرار سيكون له ارتدادات واسعة سواء على الأحزاب أو الوطن والمجتمع بصفة عامة.

ان مشروع اعادة تسييس المجتمع لا يمر بالضرورة عبر مقاعد البرلمان ،بل يجب على الأحزاب التي تملك مقرات ومنشات  تنظيمية عبر التراب الوطني أن تنقل نشاطاتها الى المواطن، أن تشاركه في نضالاته اليومية مع النقابات و الجمعيات.وحول هذه النقطة بالذات يجب على الأحزاب السياسية أن لا تعير أي اهتمام لمن يتهمها بتسيس القضايا الاجتماعية ،فكل شيء سياسي في بلد يحتاج لاعطاء محتوى سياسي للمطالب الاجتماعية لكي تتجسد على أرض الواقع وتساعد في تحسين يوميات المواطن.

النظام يحترم ويلعب دوره بإتقان ،بواسطة أجهزته التقليدية المتمثلة في حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الوطني الديمقراطي ،الحركة الشعبية الجزائرية، وتجمع أمل الجزائر تاج وأحزاب أخرى التي لا تملك الا ختم وزارة الداخلية ،بها يستطيع النظام مواصلة تطبيق رغباته وفرض نفسه إما كحكم للساحة السياسية أو كحل شامل لأزمة الجزائر وان لم يستطع فكأقل الحلول سوء.

وفي ظل هذه السياسة الاقصائية للسلطة تأتي مشاركة الأحزاب المعارضة في التشريعيات،كيد ممدودة ستستخدمها السلطة من أجل ارساء دعايتها الخارجية،أين ستظهر الجزائر كبلد ديمقراطي تتنافس فيه الأحزاب السياسية فيما بينها بشكل عادي في صورة بعيدة كل البعد عن واقع الحال .

الأحزاب المجتمعة في تنسيقية الانتقال الديمقراطي وكذا في هيئة التشاور والمتابعة أثبتت بأن الطبقة السياسية الجزائرية لم يعد بإمكانها أن تقدم أي بديل.و أريد أن أشدد هنا أن هذه القراءة لا تنقص من بعض الأسماء المعارضة التي تقوم بمجهود وعمل جبار،لكن حان وقت لكي نقول “خلاص” لتشكيلات سياسية لم تستطع أن تتجاوز الأنانيات التي تشكلت بعد ثقة ومساندة فئة من المجتمع. بكل تأكيد مسؤولية هذا الاخفاق لا تعود فقط على كاهل تكتلات المعارضة، لكن حينما نعتمد خطابا راديكالي مثالي ونقوم بمئات اللقاءات والخطابات ،ثم نقرر المشاركة في استحقاق يخدم ديمومة السلطة فهذا يدل عل درجة ترهل المعارضة الجزائرية التي لن تستطيع تقديم أي تبرير لخطوتها هذه. وعكس ما يظنه الجميع فالمجتمع الجزائري يراقب هذه التصرفات السياسوية التي ستساهم في تعويم وتقزيم الشأن السياسي والطبقة السياسية ككل ، وستزيد من حدة عزوف الناس عن كل ما يتعلق بالسياسة وما يحيطها من نشاطات ومن توعية. وفي الأخير كان على الأحزاب السياسية أن تفهم بأن دورها كان عزل السلطة عوض مساندتها ،الشيء الذي كان سيجبر السلطة على تقديم تنازلات جوهرية في مختلف المجالات.

والتغيير هو تراكم النضالات. تغيير المنظومة ليس معناها فقط ذهاب بضعة اشخاص . صحيح أن اكثرهم فسادا و تسلطا و استبدادا لا مكان لم في عهد سياسي جديد. ومع ذلك، فإن التغيير في الذهنيات والالتزام بالمستقبل هي  العناصر الأولى  للخروج من هذا النفق  المظلم ولن يتم هذا عبر الدخول في لعبة  نتائجها مفضوحة سلفا. 

مهدي بسيكري 

مقالات ذات صلة

إغلاق