سياسة

“بناء جمهورية جديدة وفق نمط وتفكير سياسي جديد”

تمر، هذا الأحد، سنتان على تولّي عبد المجيد تبون، مهام رئاسة الجمهورية الجزائرية في الثاني عشر ديسمبر 2019.

وفي حوار نشره “موقع الإذاعة الجزائرية”، أكّد الخبير في العلاقات الدولية ورجل القانون، البروفيسور مخلوف ساحل، أنّ الحديث عن عامين من حكم الرئيس تبون، تتحدّد معالمه من خلال مشروعه الجوهري المتمثّل في بناء جمهورية جديدة وفق نمط وتفكير سياسي جديد يتجلى بدايةً من خطابه الأول مباشرة بعد أدائه اليمين الدستورية، الذي كان بمثابة خارطة طريق محدّدة للمعالم والخطوات الكبرى الأساسية.

ويقول البروفيسور ساحل إنّ نهج الرئيس تبون قام على محورين أساسيين ارتكزا بالأساس على الشقين السياسي والاقتصادي بشكلٍ متدرج سلسٍ ومزدوج.

تكريس الديمقراطية التشاركية

أكّد البروفيسور ساحل أنّ النقطة المحورية التي انطلق منها الرئيس تبون في مسار البناء المؤسساتي للدولة الجزائرية، هي التعديل الدستوري، مشيرًا إلى أنّ الاستفتاء الشعبي في الفاتح نوفمبر 2020، سبقه استحداث لجنة خبراء طرحت الكثير من الأشياء التي تساهم في تعزيز وترسيخ الممارسة الديمقراطية، لعلّ أهمها إعطاء الأولوية للمواطن وتكريس الديمقراطية التشاركية وإحداث عدد من الهيأت الدستورية الجديدة على شاكلة المحكمة الدستورية.

وأردف ساحل: “يمكننا القول إنّ التعديل الدستوري كان بمثابة الأرضية الأساسية التي يتم وفقها تجسيد مشروع الجزائر الجديدة.. وبعد هذه الخطوة الكبيرة كان لزاما على السلطات العليا أن تفكّر في كل النصوص القانونية التي يجب أن يتم تكيفها وتحينها وفق الأحكام الدستورية الجديدة”.

وفي هذا السياق، أشار البروفيسور ساحل إلى القانون المتضمّن نظام الانتخابات الذي كان لزامًا مراجعته، طالما أنّ مسار بناء الجزائر الجديدة كان يتطلب المضي إلى انتخابات تشريعية ومحلية بشكل مسبق، وفق أحكام القانون الانتخابي الجديد الذي أعطى فرصة قوية للشباب كي يقتحموا المشهد السياسي الوطني، مع اعتماد مبدأ المناصفة التامة ما بين الرجال والنساء، على نحو أسهم في إعطاء وجه جديد للمؤسسات المنتخبة، إثر وصول عدد هائل من النواب الشباب والنساء وأصحاب الشهادات الجامعية، وهو ما سمح للجزائر بتجديد المجلس الشعبي الوطني والمجالس المحلية كآخر خطوة استكملت مسار البناء المؤسساتي.

إعادة بناء الثقة

يقول البروفيسور ساحل إنّ إعادة ثقة الجزائريين في مختلف الهيأت والمؤسسات كان الرهان الأكبر والتحدي الأساس الذي واجه رئيس الجمهورية، حيث ركّز في خطابه مباشرة بعد أدائه اليمين الدستورية، على كيفية إعادة بناء الثقة بين المواطنين والدولة وسائر مؤسسات الجمهورية، وهذا ما تضمّنه التعديل الدستوري الذي أولى أهمية بارزة لحقوق وحريات المواطنين وتعزيز كل ما يمكن أن يساهم في تكريس مواطنة حيوية وقوية في الجزائر، خاصةً إعطاء أهمية كبرى للديمقراطية التشاركية، بما يسمح للمواطنين أن يكونوا على دراية وعلى علم بكل ما يمسّ الشأن العام في مختلف المستويات.

ونوّه البروفيسور ساحل إلى تركيز رئيس الجمهورية على محاربة الفساد وأخلقة الحياة العامة وهي من أبرز الركائز التي يستند عليها مشروع بناء الجزائر الجديدة، وعزّز الرئيس ثقة المواطنين بمؤسساتهم وبدولتهم باستحداث المحكمة الدستورية التي تشكّل نقلة نوعية في كل ما يتصل بموضوع الرقابة الدستورية، وهذا الشيء بالغ الأهمية لأنّ المحكمة الدستورية ستؤدي دور الجهة القضائية الضامنة للحقوق ولحريات المواطنين عبر كل الصلاحيات الواسعة التي خوّلها لها الدستور، بما يعزّز الثقة القائمة بين الحاكم والمحكوم.

إعادة بعث السياسة الخارجية

أوضح الخبير في العلاقات الدولية أنّ الرئيس تبون ركّز على ضرورة إعادة بعث السياسة الخارجية الجزائرية وإعادة بعث الدبلوماسية الجزائرية التي كانت غائبة نوعًا ما في عشرين سنة الأخيرة في كثير من الملفات على غرار الملف الليبي ومنطقة الساحل وعلى كافة المستويات العربية والمتوسطية والإفريقية.

وفي السياق ذاته، أكّد البروفيسور ساحل أنّ رئيس الجمهورية منذ توليه رئاسة البلاد يعمل على إعطاء نفس جديد وديناميكية جديدة للدبلوماسية الجزائرية، متابعًا: “هناك حركية قوية مطلوبة بالنسبة لدولة كالجزائر، لأنّها دولة محورية بحكم تاريخها وبحكم قدراتها البشرية وقدراتها الجيو إستراتيجية والجيو سياسية”.

وانتهى ساحل إلى تثمين اللقاء الأول من نوعه الذي أجراه الرئيس تبون مؤخرًا مع رؤساء البعثات الدبلوماسية الجزائرية على مستوى الخارج، وهو ما سمح بإنتاج رؤية جديدة ستمنح للدبلوماسية الجزائرية أكثر نجاعة وفعالية وحضور للدفاع عن المصالح العليا للبلاد في الخارج.

مقالات ذات صلة

إغلاق