آراء وتحاليلنقطة رجوع

الإعدام جريمة عند دعاة الحقوق وشريعة عند دعاة الحق !!!

 

لم يعد في الجزائر طلب إعادة الإعدام مجرد حملة تطوعية،ابتكرتها العاطفة،وطورها الاحتجاج ، وقدمها الناس على شكل نداء محتواه الأول والأخير [ أحموا أطفالنا ]بل أصبح الإعدام مطلب شعبي لا فرار منه،وعلى الحكومة أن تقرر إعادة حكم الإعدام من أجمل حماية الأطفال،أو ابتكار خطة أمنية تضمن عدم المساس بالبراءة ،بعد أيام من الجريمة الفظيعة التي حدثت بحق الطفلة نهال،كانت استوديوهات القنوات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي مركز ثقل لتحليل ما جرى ؟وطرحت عدة إشكاليات وتكلمت جميع النخب الفكرية بجميع أفكارهم المختلفة،فقد اتفق الكل من خارج دائرة القانون[ أن الإعدام لا بد وأن يعود ]وهذا ما جعل فئة الحقوقيين يعدون عدتهم للحرب الكلامية ومحاربة أي أحد يطلب الإعدام،وقد خرجت عدة اتهامات وتعبيرات قاسية بحق من يطلب الإعدام ، أولها أنهم داعشيون يريد قتل الناس ، ومرة أنهم إرهاب، وأخيرها والتي وضحت منهجهم العلماني[ أتركوا الدستور  يقرر].

عندما نقول الإعدام ونربطه بالدين الإسلامي أكيد سنقرأ هذه الآية من الكتاب العزيز ، التي توضح مشروعية الشريعة في تطبيق مبادئها من أجل تسيير محكم ودقيق على الأمة الإسلامية [ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ]القصاص تعريفه بسيط وهو عقاب الفاعل بفعله ، ولا يترك الفاعل بدون عقاب ، وهو عقوبة الدماء بشكل عام ، لو نأخذ الأدلة من  ديننا الحنيف على القصاص فهي كثيرة جدا  على سبيل المثال :

.أولا : [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ] الآية 178 سورة البقرة ، وتفسير الآية واضح جدا .

_ يقول ابن كثير : [العدل في القصاص أيها المؤمنون حركم بحركم ، وعبدكم بعبدكم ، وأنثاكم بأنثاكم ، ولا تتجاوزوا وتعتدوا ، كما اعتدى من قبلكم وغيروا حكم الله فيهم]  

ثانيا : إذا أردنا أن نفهم القصاص من الأحاديث النوبية فأكيد علينا أن نربطه بأقسام السنة ، السنة اعتقادية والسنة فعلية والسنة تقريرية  والسنة قولية ونرى إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه راضون الله عليهم كيف تكلموا وعالجوا الموضوع وحكموا فيه

 _ السنة القولية : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  [ لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : الثيّب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة ] رواه البخاري ومسلم .

_السنة الفعلية : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ , وَمَنْ جَدَعَ عَبْدَهُ جَدَعْنَاهُ ”

كان القول والفعل  كفاية  للمسلمين أن ينفذوا أحكام الله  التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه كثيرا في أحاديثه حول القصاص ، بل القرآن يفصل فيها تفصيل إجمالي وهذا ما جعل الجميع يتفق على قول واحد من [إجماع الأمة والأئمة بلا خلاف، وعليه إجماع الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ]

أما تعريف الإعدام في القانون الوضعي فهو  قتل الشخص بإجراء قانوني  من أجل العقاب لردع العام والمنع ، و له عدة نقاط قانونية  سطرت من أجل هدف واحد [ القتل العمد ] لكن القانون الوضعي  في بعض البلدان المختلفة أعطى لها مفهوم خاص غير متجانس مع تعريفات العلمية ، فبعض الأنظمة استغلت الموقف  وفتحت عدة عوارض غير [قتل العمد] مثل مساس بأمن الدولة ، أو التخابر مع دولة تعتبر [ عدو ] وهذا ما عجل في ظهور حقوق الإنسان العالمية التابعة للأمم المتحدة  التي تطالب عدة حكومات بنزع  العقوبة وذلك لتعارضها مع مبادئ الإنسانية .

يقول الدكتور محمد الأخضر مالكي في محاضرته [ عقوبات الإعدام في قانون الوضعي أنها تتجاوز 35 عقوبة، وهذه العقوبات تصدر أحكامها في المجالس القضائية، ولكنها لا تنفذ مما يجعلها أحكاما عبثية لا تردع المجرمين الذين يذبحون الأطفال، ويقطعون أوصال الأبرياء، ويأتي دعاة إلغاء الإعدام، إلغاء مطلقا، فيدافعون عن هؤلاء المجرمين لذا ينبغي تحديد مفهوم الإعدام، فهو يشمل عقوبات متعددة كثيرة كما أشرنا؛ أما مفهوم القصاص في الشرع فإنه يشمل القصاص من القاتل عمدا، ورجم الزاني ].

دعاة الحقوق الذين يحملون أفكار علمانية قاتلة للمجتمعات الإسلامية يقولون أن[ القانون الوضعي لم يؤسس على الشريعة الإسلامية ] وهذا ما يجعلهم يطالبون بتأييد حقوق الإنسان والابتعاد عن الإعدام ، لهذا يرغبون في خلق مسافات كبيرة بين الشريعة والقانون الوضعي خصوصا في هذه المسألة حتى لا يكون للإعدام مجال فيها،إن أحد  أسباب هجوم العلمانيين على عقوبة الإعدام هو ما يطرح في العالم من مبادئ وتمساح إنساني ومقاصد للعيش بسلام وإيجاد مائة حل مكان الإعدام ، هو خوفهم من تطبيق الإعدام بشكل تعسفي لا على القضاء  ويكون له محور سياسي  يستغل من طرف البعض للقضاء  على خصومهم  وتقديمهم للرأي العام بطريقة مباشرة على  أنهم [ خونة الوطن ] أرحب بهذه الفكرة وأساندها يوميا،الإعدام عند ضعفاء الحجة و فاسدين في السياسة و خونة للوطن ما هو إلا قضية استغلالية من أجل أمورهم  الشخصية ، مثل تعذيب الأسرى أو المعارضين للدولة ، أو  قتلهم بطريقة وحشية بشاعة تحت قانون الإعدام ، وهذه الأمور لا يرضها الإسلام .

لكن على دعاة الحقوق أن يعلموا جيدا أن الجزائر تمر بسيناريو غريب الأطوار من انتشار جريمة قتل الأطفال بطريقة لا يرضها الله ولا ترضها الإنسانية التي يتكلم الجميع من منطلقها،إذا كان منطق حذف الإعدام هو حماية البشر فعليكم إيجاد منطق أخر لحماية الأطفال ، لأن الإسلام أكيد يتفق كثيرا مع القانون الوضعي لو لم يحذف البشر منه فعالية الشريعة التامة،الإسلام يطبق على أمور محددة  ويستطيع القانون الوضعي أن يسير في مجال واحد مع الشريعة،وهذا ما يجعلنا نقول أن انحراف البشر عن مسار الشريعة واستغلال القانون عجل في استنتاج مفهوم واحد عن  دعاة الحقوق أن [ الإعدام يعتبر جريمة إنسانية عندهم ] أم الإسلاميون الذين منهجهم الحق وكلمتهم الشريعة يعتبرونه  [ تطبيق أوامر الله سبحانه تعالى ]

جمال الصغير

مقالات ذات صلة

إغلاق