آراء وتحاليل

محاد قاسمي ..من زاوية بودة إلى السجن دفاعا عن جزائر الوحدة و المواطنة..

طريق نيوز

رضوان بوجمعة

الجزائر الجديدة 181

“لما الخوف على ادرار
انا على يقين انها كل ما ابتعدت عن السلطة اقتربت الى الوطن”، هذا آخر منشور لمحاد قاسمي على جداره في الفيسبوك، يوم 8جوان بعد منتصف الليل، ساعات قليلة قبل القاء القبض عليه و إيداعه الحبس المؤقت اليوم بتهمة ثقيلة هي الإشادة بالارهاب، وهو منشور فيه صورة لأستاذ جامعي يسمى عبد السلام طرمون، قال عنه محاد أنه حمل السلاح بسبب التهميش و أن السلطة تتحمل مسؤولية التهميش و دفع الناس للتطرف، وهو كلام لا يستوي أي شيء امام تصريحات السياسيين في التسعينيات، والراجل عبد الحميد مهري كان يقول : هناك معارضة مسلحة يساندها جزء من الشعب. …
المنشور الاخير لمحاد قاسمي كان واضحا بأنه موجه ضد شبكات المصالح في ادرار التي تستخدم العروشبة و الزوايا للدفاع عن السلطة ورجالاتها، وهو ما لم يعجب هذه الشبكات فسارعت بالضغط من اجل اعتقاله و التخلص من شاهد حق يقلق شهود الزور و الجور، مناضل واجه شبكات بوتفليقة في أدرار وهي الشبكات نفسها التي تعمل لتبون و للنظام الذي جاء به و بغيره…

قاسمي محمد بن عبد الرحمان، هذا هو الاسم الكامل لمحاد،
ولد في زاوية بودة أدرار في 11ديسمبر 1975، وهو اب لثلاثة أولاد.
محاد قاسمي يحترف مهنة الحدادة، فهو صاحب ورشة حدادة ورثها عن والده، وهي المهنة التي تعرف بها كل العائلة.
و قد بدإ عمله في المجال العام من العمل الخيري، محاذ جزائري اصيل يتألم لفقر الفقراء و ينتفض ضد عتف و تجبر الاغنياء، لذلك قاد في التسعينيات و سنوات الفين عدة عمليات خيرية في مدينته و في الكثير من المناطق المجاورة لها.
في سنة 2011، فتح محاد حسابا على فايسبوك وبدا يعبر عن مواقفه السياسية، فشبكات التواصل الاجتماعي تقلص المسافات و تقرب بين آراء ومواقف الجزائريين و الجزائريات، التي تحاصرها أجهزة البروباغندا.
أدرار تبعد عن العاصمة أكثر من ألف و 400كم، و لذلك كان الخروج عن أدرار صعب و مكلف على كل الاصعدة، أول خروج لمحاد عن تراب أدرار كان سنة 2012، في سن 38سنة، حيث تنقل الى باتنة للمشاركة في اجتماع لشباب ضربوا موعدا للنقاش حول الوضع السياسي، وهو سفر مهم في حياته لأنه أخرجه من العزلة التي فرضتها منظومة الحكم التي تريد ان يعيش الجزائريون و الجزائريات في قيطوهات مغلقة حتى يسهل التحكم فيهم.
بعد هذا السفر، انتقل محاد من العمل الخيري، الى العمل الاجتماعي الاحتجاجي، فقد انخرط في أكبر حركة اجتماعية في الجنوب وهي جمعية الدفاع عن البطالين سنة 2012 وكان احد قيادييها، بالرغم من انه لم يكن بطالا، لءلك كان يقول دوما في تدخلاته الاعلامية بانه ليس باحثا عن العمل وانما باحثا عن العدل والمواطنة.

من مناهضة الغاز الصخري إلى معارضة النظام غير الشرعي.

محاذ في كتاباته على الفيسبوك جد متوازن، لانه يتبنى السلمية كمنهج، و أصبح محل متابعة من البوليس السياسي منذ أن بدأ رحلة النضال ضد استغلال الغاز الصخري، وهو الذي حصل على تفويض سكان عين صالح للحديث باسمهم. هذه المهمة جعلته يقطع مئات الكليمترات في كل المناطق المعزولة في جنوب الجزائر الشاسع…
شارك في المسيرات المناهضة للعهدة الرابعة لبوتفليقة في 2014. كان يرحب بالثير من الضيوف الءين ياتون من العاصمة، و لعل جيلالي سفيان الذي كان يعارض العهدة الرابعة تماما مثلما كان بعارضها توفيق مدين آنذاك، يتذكر أن محاذ اينضاغه مرافقه إلى عين صالح عاصمة مناهضة استغلال الغاز الصخري.
محاد ناشط ميدان، بدأ الحراك من فعل الخير الى الاحتجاج الاجتماع و السياسي، و بالرغم من محاولة الكثير من قيادات الصالونات المرتبطة بعصب النظام المتناحرة استدراجه الانضمام اليها، رفض ذلك، فقد اعتذر أن يكون عضوا في هيئة التشاور بندوة مزافران، وقال؛ أنا مكاني في الميدان.

لما عين عبد المجيد تبون واليا عن ادرار في نهاية جانفي 1983، كان محاد قاسمي طفلا في الثامنة من العمر، وهو يعرف جيدا كيف أن شبكات الفساد على الصعيد المحلي كانت تصول و تجول دون حسيب و لا رقيب، هذه الشبكات التي اتهمت محاد بالتشويش، لان أدرار يجب حسبهم أن تبقى كما كانت ساكتة و مساندة لكل ما تفرضه السلطة، وهي اليوم تعمل على إسكات كل من ينتقد تبون الذيفرض في قصر المرادية كما غرض اعتقال محاد اليوم وهو في الخامسة و الاربعين من العمر..
محاد كان قليل النشر على الفيسبوك بالمقارنة مع العديد من النشطاء، لكنه كان كثير القراءة و التفاعل مع كل ما ينشر، أتذكر أن آخر اتصال له بي على الماسنجر و انا لا أعرفه إلا افتراشيا، أنه تقاسم نص لي كتب يوم 24جانفي 2019، في سلسلة الجزائر الجديدة، بعنوان ضد الغاز الصخري و الرئيس غير الشرعي، وهو النص الذي كان وصفا الجمعة 49، و التي انتفض فيها الجزائريون والجزائريات من الشمال إلى الجنوب و من الشرق إلى الغرب، رفضا لإعلان الرئيس المُعين الذهاب نحو استغلال الغاز الصخري، فكانت الشعارات متعددة في هذا الاتجاه، فالذين بدأوا الحديث عن حراك البريد المركزي جاءهم الجواب اليوم، مرة أخرى بأن البريد المركزي قريب من عين صالح، فالعاصمة قالت إن “الصحراء ليست للبيع”، وحناجر الملايين في كل الولايات رددت هذا الشعار الذي سيحفظه التاريخ،: “ما كان لا بترول، ما كان لا غاز صخري روحوا اديروه في باري”،

محاد .. رمز النضال عن ثروات الدولة ووحدة الامة.

محاد كان سعيدا بذلك النص و اسعد بتلك الجمعة ، لانه شعر أن النضال ضد استغلال الغاز الصخري الذي سبب له كل تلك المشاكل احتضنته كل الامة الجزائرية، كما أن تلك الجمعة جعلته يشعر أن الحراك الجزائري دخل في حركة عالمية ترفض سطوة الشركات الإمبريالية العالمية لتجريب ما توصلت إليه مخابر البحث في مجال استغلال الغاز الصخري، وهو استغلال يهدد التوازن البيئي والمياه الجوفية ويعرض البشر والشجر والحجر والحيوانات والحشرات إلى مخاطر متعددة بشهادة كبار المختصين والباحثين.

محاذ اليوم المواطن الجزائري رمز من رموز الدولة …

مقالات ذات صلة

إغلاق