آراء وتحاليل

الثورة في ميادين الكرة بقلم الدكتور رضوان بوجمعة

تبني الجزائر الجديدة المنظومة التي تمكن من صياغة سياسات واستراتيجيات واضحة في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والرياضية.

المنظومة الرياضية هي الوجه الآخر للفساد المالي والرياضي والسياسي في جزائر سلطة الفساد والاستبداد.. فالعلاقة بين فساد المنظومة السياسية والمنظومة الرياضية لا تحتاج لكثير من الجهد لفضحها وكشف خيوطها.
ويمكن في هذا المجال، القول إن كرة القدم توجد في قلب الفساد الرياضي والسياسي والمالي، بسبب الارتباط العضوي بين غالبية رؤساء الأندية الكروية وشبكات الفساد المالي والإداري والسياسي، وهو ما انعكس سلبا على مستوى الآداء الكروي والنتائج السلبية لمختلف الفرق والأندية. فبالعودة للجان مساندة الرؤساء السابقين من زروال إلى بوتفليقة، يتضح لنا علاقة رؤساء الأندية بمختلف شبكات منظومة الحكم، كما يتبين لنا أن “جزء معتبر” من نواب البرلمان بغرفتيه، وجزء من المدراء ورؤساء البلديات يرتبطون ارتباطا عضويا بعالم الفساد في ميادين الكرة.
ويكفي البحث في هوية رؤساء اتحادية كرة القدم منذ تسعينيات القرن الماضي – على الأقل – إلى اليوم، لنفهم هذا الارتباط، فشبكات محمد بشتين ومحمد مدين والعربي بلخير… وغيرها، كانت ولا زالت وراء تعيين وإنهاء مهام المسؤول الأول عن بناية دالي براهيم، كما أن الصحافة كانت ولازالت منقسمة بين مؤيد ومعارض لهذا الرئيس أو ذاك، تماما كما تصطف وراء هذه الشبكة أو تلك في السياسة أو في الاقتصاد أو في أي مجال من مجالات النفوذ، ويمكن القول إن الكثير من صحفيي الأقسام الرياضية يعطون أبشع الصور عن غياب المهنية في هذا السياق، حيث كثيرا ما استخدمت صفحات الجرائد والبلاطوهات التلفزيونية لضرب الشبكات ببعضها البعض عن طريق صحفيين تحول الكثير منهم إلى أنصار لهذه الشبكة أو تلك تتخصص في ممارسة التضليل والتلاعب بجماهير الكرة.
فساد منظومة كرة القدم من فساد السياسة، لذلك هذه المنظومة توقفت عن تكوين “نخبة لاعبين” يمكنهم المنافسة على الصعيد العالمي أو حتى الإفريقي منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، تماما مثلما توقفت المنظومة السياسية عن إنتاج رؤساء ووزراء ونواب وولاة يمكنهم فهم معنى السياسة في الدرجة الصفر.
ولابد من التأكيد على أن ما يحققه الفريق الوطني لكرة القدم، اليوم، يجد تفسيره في أن غالبية اللاعبين تكونوا في منظومات وبطولات كروية أخرى مبنية على العقلانية والكفاءة والمنافسة، بالإضافة إلى قائد فريق في عقده الرابع تربى على الصرامة وقيادة مجموعة اللاعبين بعقلية المرافق والمسهل وليس بمنطق الآمر المرتبط بشبكات تعين وتثبت وتقيل… من منطلق الانتماء للشبكة!
بالإضافة لذلك، فإن الثورة السلمية التي تعرفها الجزائر منذ 22 فيفري الماضي، تحولت إلى أكبر محفز نفسي للاعبين، الذين أجمعوا على أن ما يقومون به هو احتراما للشعب الجزائري ولعائلاتهم، وهي تصريحات تبين أن اللاعب الجزائري لم يشعر كما يشعر اليوم بثقل مسؤولية تمثيل الألوان الوطنية كما يعرفها الآن، لأنه يشعر بتمثيل أمة مناضلة وحرة تريد أن تبني الدولة المدافعة عن ذاكرة الشهداء التي تقطع مع الفساد والاستبداد، فميادين الكرة حولتها النخبة الوطنية لأكبر عملية تسويق لصورة الأمة الجزائرية الحرة.. صورة الجزائر كعبة الثوار، ولهذا قررت نخبة اللاعبين تسجيل أهداف الثورة في شباك عصب الفساد الرياضي والسياسي والمالي، في انتظار ميلاد الجزائر الجديدة التي ستؤسس للدولة التي تحمي الأمة وتبني المؤسسات.

الجزائر في 15 جويلية 2019
تحرير وتصوير رضوان بوجمعة



 

مقالات ذات صلة

إغلاق