آراء وتحاليل

إنطباعات حول منتدى الحوار الوطني

المعارضة التي إجتمعت أمس ليست مجبرة على تفصيل بذلة على مقاس كل فرد، وشباب الحراك ليس مجبراً على تضخيم ورقة سياسية محتشمة. أمس شاهدت مناضلين أعرف صدقهم وتعبهم، كما شاهدت رئيس الحزيّب الذي دخل يوماً علينا يسأل ( نشيّت لسعيداني أو لأويحي)، الهبّات الشعبية عادةً ما تزيح الظالمين، لكنها قد ترفع لمليح والدوني، والأهم أنه وبعد حراك 22 فيفري يجب عليك أن تتحرك وتسمع صوتك في أي هيكل تريد، ولا تنتظر دائماً أن تتوافق آمالك مع آمال حزب أو تيار.
بالعودة إلى وثيقة المعارضة، التراجع عن ذهاب بن صالح نقطةٌ تم الإشتغال عليها منذ أسابيع، لكن كاتبو الوثيقة سياسيون، أي أناس يريدون أصواتاً يوم الإنتخاب، وهم يدرون أكثر مني ومنك بأن الشعب يطالب بذهاب بن صالح، فكتبوا نقطة قالوا فيها “ذهاب رموز النظام السابق” دون تحديد المعنيين، فعندما لا تضع سقفاً لمطالبك يمكنك أن لاتقتنع أبداً، كما يمكنك أن تكتفي بالفتات.
كتب بعدها المشاركون في بيانهم الختامي “تعويض رموز النظام التي مازالت على رأس مؤسسات الدولة بشخصيات توافقية” هنا وبعيداً عن الكيف؟ خاصة أن معظم الاحزاب المشاركة تقول أنها ضد التعيين، السؤال المطروح: من المقصود ومن المعفي؟ ونفس الشي ينطبق على نقطة تعيين حكومة توافقية من يعين، كيف، وعلى أي أساس؟( البيان أضاف نقاط سياسية نتيجة ضغط الحضور، لم ترفق بجوانب عملية وتقنية توضح كيفية تجسيدها)، بعض المتدخلين قالوا نحن نعارض مجلس تأسيسي معين، وهذا كلام فارغ سياسياً لأن المطالبين بالمجلس التأسيسي يطالبون بمجلس تأسيسي منتخب وليس معيّن، هناك شخصيات سياسية ومشاركون لا يفرّقون بين هيئة رئاسية ومجلس تأسيسي.

النقطة الوحيدة تقريباً التي تتعارض مع خريطة بن صالح بعيداً عن الجوانب التقنية، هي “تبني الحل الدستوري الذي يجمع بين مقتضيات الدستور والحل السياسي، واعتبارهما أمران متلازمان وفق المادة 7 و8 من الدستور” فالسلطة وقيادة الجيش ترفض كلياً الحديث عن حل سياسي. لهذا حسب إعتقادي لم تخصص التلفزة الوطنية أكثر من 15 ثانية للمنتدى، وأنا متيّقن أن تنازل المعارضة عن هذه النقطة سيُسّرع من عملية قبول السلطة الفعلية لمخرجات منتدى الحوار.
أما النقاط التي أضافها المجتمعون كشروط قبل الذهاب للحوار وهي؛ إطلاق سراح سجناء الرأي والمجاهد بورقعة، فقد لاتشكل حاجزاً حقيقياً رغم حسن نية العديد من الأطراف التي نادت بها، لأنها نقاطٌ شفاهية أضيفت بعد بيان إنقسم المجتمعون حول جدوى كتابته، بل هناك من هدّد بالمغادرة مطالباً بالتمسك فقط بالوثيقة، ومن المحتمل أن تضيع البيانات الشفاهية عند أول جلبة.
في الأخير شخصياً أنا مع نقد سياسي لأرضية المنتدى، ولست مع حملة التخوين التي طالت المشاركين فيه، هناك من المشاركين من هم أقرب من الحراك مقارنة بالسلطة، الذكاء يقتضي كسبهم لا تخوينهم.

جعفر خلوفي

مقالات ذات صلة

إغلاق