وطني

لصد الطريق أمام الانتهازيين، خريطة طريق الشعب و الشارع

أملا في الخروج من الأزمة الحاليّة، وتغيير شامل للنّظام ونمط الحكم في البلاد،  نحتاج إلى الانتقال لمرحلة ثانية من الحراك، حيث تنتهي سلطة الشّخص الواحد ( أو المجموعة الواحدة )، وتتعزّز قوّة السّلطات الرّقابيّة التي بإمكانها إعادة الحاكم إلى السّكّة في حال انتهاجه سلوكا مستبدّا.

 للخروج من الأزمة السّياسيّة التي تمرّ بها الجزائر منذ سنوات، تعدّدت المبادرات وأرضيّات المطالب والأفكار المقترحة  من طرف الكثير من السّياسيّين، كمخرج وحلّ شامل.

 وعلى الرّغم من أنّ المواطنين  مجمعون على رحيل السّلطة الحاكمة برمّتها، إلّا أنّ الأخيرة تعمل على تجاهل الإرادة الشّعبيّة، والدّوس عليها. وتحاول فرض خطتها ومشروعها الذي تدّعي أنّه سيخرج الجزائر من الأزمة السّياسيّة التي أغرقتها فيها.

 لقد رفضت الغالبيّة السّاحقة من الشّعب الجزائريّ  مناورة السّلطة الحاكمة، وعبّرت عن ذلك عندما خرج الملايين من المواطنين إلى الشّوارع كل يوم جمعة منذ أن بدأ الحراك يوم الجمعة 22 فيفري، ضدّ قرارات السّلطة.

حاول بعض الانتهازيين اختراق الحراك الشّعبيّ السّلميّ، خدمة لمصالحم الشّخصيّة، مثلما تعوّدوا عليه مع النّظام الحاليّ، وذلك في تحدّ واضح للجزائريّين. وإنّهم يسعون لتنصيب أنفسهم ممثلين عن الحراك والتحدّث باسمه، قاصدين زرع الكراهيّة لدى العامّة ونبذ مصطلح ” تأطير”،مستخدمين الشّعبويّة  التي اعتمدها النّظام البالي.  ولا يختلف عنهم أولئك الذين يوهمون البعض بأنّ تأطير الحراك يؤدّي إلى فنائه.

 لكن، هل هذا الادّعاء مسلّم به، وقاعدة ثابتة؟

 كجزائريّين، لدينا حساسيّة من التّمثيل والتّأطير، بسبب تعوّد السّلطة على  فرض أشخاص كممثلين عنّا، وهم في حقيقة الأمر، حريصون على مصالحهم الشّخصيّة، وخدّام للنّظام الذي اختارهم.

لذا، يتوجّب علينا المضيّ قدما إلى الأمام، وعدم ترك المجال فارغا أمام المتسلّقين وركّاب الموجة. إضافة إلى مواجهة كلّ محاولات التّضييق، ومناورات النّظام الرّاغب في الاستمرار وإجهاض نصر الشعب الجزائريّ مرّة أخرى مثلما فعله بعد الاستقلال سنة 1962.

 من أجل تفادي سيناريو مشابه، والنّجاح في الحفاظ على مشعل الحراك، يستوجب علينا التّفكير في هيكلته مع تجريد مؤطريه من صلاحيّة اتخاذ القرارات.

انضمّ  للحراك، موظفون وعمال من مختلف القطاعات (أطبّاء، محامون، طلبة وأساتذة جامعيّون،  معلّمون، شبيهو الطبّيّ، صحفيّون، وغيرهم). ومن هنا، بالإمكان أن تبدأ هيكلة الحراك، حيث تستطيع كلّ فئة أن تنظم جمعيّة عامّة بمجموعات مؤلّفة من 100 إلى 1000 شخص، ويكون جدول أعمالها الحديث حول مستقبل البلد، واقتراح حلول جذريّة أو قطاعيّة، إضافة إلى هيكلة الحراك. وذلك ضمن نقاشات ديمقراطيّة بحتة بهدف التّحسيس وإيجاد أفكار وحلول جديدة لإخراج الوطن من أزمته الرّاهنة.

يجوز للجمعيّات العامّة  اختيار “ممثلين” (دون امتلاكهم سلطة اتّخاذ القرار)، بحيث يمكنهم الاجتماع في مجموعات لا تتعدّى 1000 شخص لمناقشة الأفكار والتّدقيق فيها، ثمّ تنقيحها وإثرائها، وذلك قبل أن يختاروا بدورهم  ممثلين عنهم. وهي العمليّة التي تسمح للمواطنين بالاختيار بين الأشخاص الذين يلتقون بهم يوميّا ويعلمون النّزيه والصّادق منهم. كما تقطع الطريق أمام الانتهازيّين وتصدّ المتسلّقين.

إنّه نظام هرميّ ديمقراطيّ، ينتخب بواسطته “الممثلون” بشكل مباشر، في بادئ الأمر، ثم بشكل غير مباشر بعد ذلك. وهو ما يتيح استحداث تنسيقيّات ولائيّة تجمع الأشخاص الذين اختارتهم القواعد الشّعبيّة، دون امتلاكهم الحقّ في اتّخاذ القرار.وتكون بمثابة تنسيقيّات استشاريّة تضمن عملية الانتقال خلال بضعة أيّام أو أسابيع، بعد رحيل السّلطة الحاليّة.

لا يمكن لهذه التّـنسيقيّة أن تتفاوض مع النّظام الحاليّ، ولا تشارك في النّدوة المزعومة من طرف لعمامرة والإبراهيمي، ومن معهما.

يكمن الهدف من استحداث هذه التّنسيقيّة، في ضمان تطبيق الإرادة الشّعبيّة، وعندما تستجيب السّلطة لمطالب الشّعب، تباشر التّنسيقيّة الوطنيّة عمليّة تنظيم  استفتاء لتحديد ما إذا كان المواطنون يريدون الذّهاب مباشرة إلى الانتخابات الرّئاسيّة أو مجلس تأسيسيّ.

بعد تنظيم انتخابات المجلس التّأسيسيّ أو الانتخابات الرّئاسيّة ، تحلّ التّنسيقيّة. وبالموازاة، يصرّح أعضاؤها بشرفهم، على عدم ترشّحهم للانتخابات مدّة 5 سنوات، تجنّبا لأيّ تضارب في المصالح، والحيلولة دون انضمام الانتهازيّين الرّاغبين في تحويل التّنسيقيّة إلى ملاذّ لمصالحهم الضّيّـقة.

الأهداف:

–          تنظيم الحراك من خلال إنشاء مجالس استشاريّة وتمثيل شعبيّ على جميع المستويات، وبكّل الفئات والمكوّنات.

–          تفادي احتواء الحراك من طرف السّلطة الحاليّة أو الوقوع في فخاخ ومناورات النّظام السّاعي للحفاظ على وجوده وسيرورته بكلّ الطرق والوسائل .

–          الشّروع الفوريّ في التّحضير لمرحلة ما بعد النّظام الحاليّ لتأسيس الجمهوريّة الجزائريّة الثّانية على أسس متينة، وعدم إفراز رؤوس جديدة خاضعة للنّظام البالي الذي اتّبع مناهج محدودة وغير فعّالة، آلت بالبلاد إلى حالة انسداد، وأزمة سياسيّة.

–          فتح مجال النّقاش الدّيمقراطيّ بكلّ شفافيّة.

 

المراحل :

المرحلة الأولى: التّوجه إلى جميع القطاعات والفئات الاجتماعيّة لتنظيم جمعيّات عامّة واختيار عدد من الممثلين ،واقتراح أفكار ومناقشتها. ويستحسن انتقاء 4 ممثلين عن كلّ مجوعة مكوّنة من ألف أو ألفي مواطن، ثم يجتمعون لإثراء الاقتراحات وتنقيحها. ليقوموا بعدها باختيار “ممثلي الممثلين” ضمن ” نظام هرميّ “، يؤدّي إلى تأسيس تنسيقيّات ولائيّة مؤلفة من حوالي 50 ممثّلا عن القاعدة الشّعبيّة. وعلى المنوال ذاته، تؤسّس التّـنسيقيّة الوطنيّة.

ملحوظة: لا يحقّ للتّنسيقية الوطنيّة أو التّنسيقيّات الولائيّة، اتّخاذ أيّ قرار دون استشارة القاعدة، ولا يمكنها إجراء مفاوضات مع السلطة الحاليّة.

المرحلة الثّانية: تنتقي الجمعيّات العامّة أفضل الأفكار لتتوّج ببرنامج يحدّد الوسائل والآليّات اللازمة لضمان الفترة الانتقاليّة.

المرحلة الثالثة (بعد رحيل السلطة الحالية): يتعهّد أعضاء التّـنسيقيّة الوطنيّة، بشرفهم، ويلتزمون  أمام الله  والشّعب بعدم التّرشّح للانتخابات المقبلة ، بهدف تجنّب أيّ تضارب في المصالح) . تشكل التّنسيقيّة الوطنيّة حكومة انتقاليّة مؤقّتة، تتولّى تسيير البلاد في فترة قصيرة لا تتعدّى بضعة أسابيع.

الخطوة الرّابعة: تنظم التّنسيقيّة الوطنيّة استفتاءا لمعرفة رأي المواطنين في الذّهاب المباشر إلى انتخابات رئاسيّة أو مجلس تأسيسيّ قبل إصلاح الدّستور.

الخطوة الخامسة: بعد الاستفتاء، تنظم التّنسيقيّة الوطنيّة الانتخابات الرّئاسيّة أو تشكّل المجلس التّأسيسيّ بكلّ شفافيّة.

الخطوة السّادسة: بعد انتهاء الفترة الانتقاليّة، تحلّ  التّنسيقيّة الوطنيّة تلقائيّا ولا يكون لها أيّة صلاحيّات.

الصحفي بن جامع مصطفى

 

مقالات ذات صلة

إغلاق