آراء وتحاليل

إليك عبد الوهاب صديقي العزيز ..بقلم عديلة بن ديمراد

عبد الوهاب صديقي العزيز

ستتسأل حتما عن أول رسالة لمعتقل رأي سأوجهها لك, أعتقد أن هذا سيجعلك تبتسم, أو حتى تضحك.

صبيحة إعتقالك لما تكلمت معك في الهات, كنت قد أنطلقت في الطلريق باكرا لتلتحق بتجمع عائلات معتقلي الحراك أمام محكمة سيدي أمحممد بالجزائر العاصمة.

خلال المكالمة ضحكنا كثيراعندما حاولت إقناعك بعدم المجيئ لأن هناك إحتمال إعتقالك و أعتبرت أن عدم إلتزامك بهذا الموعد مستحيل, لأن هذا الموعد يعتبر إلتزام مع معتقلي الرأي, إلتزام مع أصدقائنا المسجونين وجميع شباب راج.

حتما لم تكن لتتغيب عن هذا الموعد, لهذا لم أحاوا كثيرا إقناعك بعدم المشاركة لنواصل حديثنا متناولين موضوع النضال بالمزاح والفكاهة, خلال هذه الكمالمة حولت لي سعيد الذين كان يرافقك ليشاركنا الكلام ونتفق على موعد لقاءنا أمام المحكمة, بعد أن تكلمنا عن موضوع رسالة إلى معتقل رأي التي لاحظت إنتشارها عبر مواقع الاجتماعي قائلتا لك ماذا لو نكتب رسالة لأصدقاءنا حكيم, أحسن, كريم, جلال, أحمد, لتخبرني أنها فكرة رائعة ووجب علينا فعلها متسائلا في نفس الوقت عن إمكانية وصولها لمسجوني الرأي داخل السجن. لأجيبه, نعم ستصل يوما ما, ليس بالضرورة حالا, لكنها ستصل يوما ما.

صديقي وهاب .. نعم ستصلك هذه الرسالة يوما ما .. العدالة ستصل يوما ما .. الحقيقة والحريةو أيضا ستصل, هذا عقد مبرم و غير قابل للنقاش.

بعد فترة عملي أسرعت في الإلتحاق بكم للتجمع الشعبي أمام محكمة الجزائر, كنت متأخرة, لكنك كنت كالعادة لم تتأخر يوما ما عن الموعد مع النضال على الرغم أنك تأتي من مكلان أبعد. كنت كالأعمدة, دائما حاضر, في جميع التجمعات والمبادرات الإنساني, كنت حاضرا بجسدك, بروحك وبملامح وجهك الحنون والهادئ, كنت كأعمدة البيت التي تضمن إستقرار وتماسك وصلابة البناية.

تأتي من هنا هذه الفرحة عندما نتكلم, فعلى الرغم من قسوة الأوقات العصيبةالتي يمر بها الوطن, تسكننا الفرحة لأننا نعلم أن اليوم إجتمعت أحلامنا لبناء دولة القانون, جزائر حنونة ومثمرة لأبنائها, جزائر إنتهت فيها الرداءة والفوضى, لأن الفرصة أتيحت لنا لبنائها ولن نضيعها.

حتى نتمكن من إغتنام هذه الفرصة يجب أن تجتمع جميع الكفاءات لتحقيق الهدف, بالنسبة لي أنت كفاءة لا نستطيع أن نستغني عنها, أنا أراك هكذا وأردت أن أقول لك هذا.

لم يتطلب الكثير من الوقت في التجمع لننتبه أنه كان هناك عناصر يرتدون زي مدني  يترقبوننا, عناصر دون رائحة أو لون, كانوا يقتربون منا شيء فشيء, في نفس الوقت منا نبتسم مع بعضنا البعض, نعم ليشجع كل منا الاخر. قررنا مغادرة الوقفة, عند المغادرة إنضم إلينا أحد الأصدقاء المناضلين, في الطريق الجاني لمحكمة سيدي أمحمد بعبان رمضان, بدأوا في ملاحقتنا, قلت لك,  يجب أن نسرع الأن, لتجيبني, نعم يجب أن نسرع, عنصر ممن كانوا يلاحقوقنا كان يحمل مجموعة مفاتيح معلقة في سرواله, وكان كلما علا صوت المفاتيح أدركنا أنهم إقتربوا منا أكثر, هنا قال سعيد, سيعتقلوننا, في هذه اللحضة توقفنا عن الهرولة, لأنه ليس علينا أن نقاوم ولا أن نهرب, إقتربوا منا ووجهوا السؤال لك يا وهاب, ما إسمك ؟ هنا تأكدنا أنك كنت أنت هو المعني, عند إعتقالك صوبت نظراتك لنا ثم للضابط بالزي المدني وكأنك تريد إخباره, “هل كل ما تقومون به يستحق فعلا كل هذا العناء”.

بعد التأكد من هويتك وأنك أنت المطلوب, تم طردي أنا والسعيد قائلين لا, لو لمستم هواتفكم سنعتقلكم أنتم أيضا’ لألمح أمام المفاتيح الشهيرة سلاح معلق على حزاب الضابط.

دفعونا إلى شارع عبان رمضان, أردنا المجيئ معك لكن رجال الأمن حاصرونا حتى لا نتمكن الإقتراب منك, صرخت بإسمك, من خلال صوتي أدركت أنني كنت أبكي, لأخبرك  مرة أخرى, لا تقلق أنا لا أبكي من الهزيمة, غادرت بهدوء وكان من الجميل رؤية إنسان مناضل و عادل مثلك يذهب بشموخ, لمست قلبي وبكيت. لقد كنت بيننا منذ بضعة دقائق, جلست أنا والسعيد لبرهة في الشارع  كالأيتام دونك, ضائعين أمام قصر العدالة المصادرة من طرف أشخاص عديمي الرائحة و عديمي اللون. بأيدي مرتجفة أمسكت هاتفي لأدون الوقت, المكان, لأخبر عن حقيقة ما حصل. شارع سيد علي بوزيري, لكن من هو سيد علي بوزيريي, هل هو إسم الشارع ؟ سألني سعيد, أجبته بنعم. لا تقلق يا وهاب, سوف تضحك يوما لأنها صدفة جميل أن تعتقل بشارع سيد علي بوزيري  ورفيقة سيد علي تياح اللذان نجحا إبان الإستعمالر الفرنسي الغاشم من الهروب من قصر العدالة والإلتحاق ببثورة التحرير المجيدة  ويستشهدا فوق ساحة الشرف.

في الغد سألت سعيد, من هو سيد علي بوزيري, رد عليا ضاحكا, سيد علي بوزيري حتما سيضحك علينا لأننا لم نكن مسرعين مثله عند إعتقال وهاب, سيد علي بوزيري رفض مثلك و مثل معتقلي الرأي القمع, الظلم و خرج وجاهد من أجهل الحرية . يوجد أيضا مئات الألاف من الحراكيين الذين يخرجون في الشارع من أجل جزائر جديدة يبنيها الجميع, هذه الجمعة سترتفع الهتافات و تتضاعف من أجل الحرية. سيد علي نظر إلينا يوم إعتقالك يا وهاب مبتسما, ثابت واتق من نفسه وهادئ, مثل الأعمدة التي يبنى عليها مستقبلنا, جزائر جميع الجزائريين التي تضمن لنا العيش بكرامة, أين يتمتع كل الجزائريين بحريتهم, سيد علي يعلم أننا سنحقق هدفنا يوما ما لأننا نسير على خطاه.

هكذا صديقي, لقد إشتقنا لك جميعا, جميع أصدقائك يحيوك ويفكرون فيك كثيرا, سنلتقي حتما لنحتفل بهذه الحرية.

سلام .. عديلة بن ديمراد

مقالات ذات صلة

إغلاق