الأرشيفثقافات

كمال داود في روايته “زابور”:الكتابة لإبعاد الموت بخطوات

نشر  الروائي الجزائري  كمال دواد روايته الثانية “زبور أو المزامير” والتي تتناول الكتابة في مواجهة الموت كحتمية قدرية ، بالعمل الكتابي لتأجيل نهاية العالم ، الكتابة لاستعادة أزلية و ديمومة الإنسان على هذا الكون كيف يمكن هذا ؟ هل زبور الشخصية المحورية في الرواية مشعوذ ، ساحر أم شاعر يوحي إليه زخرف القول؟.

كيف يدفع زبور القدر و يناقش الرب في مشيئته ؟ هل رفع عنه القلم ؟ هذا ما يراه أناس القرية… قرية مترامية الأطراف ، مختصرة في بيوت مبعثرة ، مدرسة ، مقبرة و مسجد المدينة على أطلال الرمال الصحراوية و التين البربري.

حكاية زبور كقصة يونس لم يختر  كاتبها الشرق و لا الغرب و لا الجنوب بل البحر و السفينة هكذا يقول عن نفسه. الحكاية تبدأ من الأربعين لكن ليس على وحي اقرأ بل أكتب ..و ماذا أكتب ؟ و يبدأ السؤال و يعجب زبور ما في صدره من القرآن؛ نون و القلم و ما يسطرون لكن ماذا يسطر و كيف يسطر ؟ و بأي لغة يسطر ؟ … الكتابة تحتاج إلى القراءة و القراءة إلى المادة و هذه الدشرة اللعينة فيها كتاب واحد.

.. الحاج ابراهيم هذا الأب الذي لا بد من أن يموت لكن عليه أن يبيقه حيا لفترة أطول ، لا يدري هل هو عذاب له أو إحسان إليه ؟ هذا الأب الذى تخلى عنه طفلا و كفلته عمته صغيرا …الكتابة سر وجوده وسر قوته الآن ، تللك الطقوس التي يكفر بها الناس صباحا و يؤمنون بها ليلا حتى الشيخ الجامع يتودد إليه كي يطول في عمره يوما ما. جميلة تللك المرأة التي تعطيه معنى لحياته المفقودة وسط البخور و الشموع و صلوات النسوة و عبق الحبر و أقلام الطالب و تللك الحروز السرية التي تعانق الجسد و تبعد العين الساحرة أو تقيك من مزامير إبليس.

يكتشف زبور لغة يسافر بها ، يعانق فضاءات متباعدة ، يتجاوز فيها جغرافيته و كتابه المقدس ، لغة تعيد إليه ملامح وجه أمه ، يلامس بها جسد المرأة و يكتشف الشبق و المتعة ، لغة تجمع بين المعنى و الأشياء و يموت الأب و يعلن زبور يوم الإنتصار و التحرر و الخلاص و تتقاذف الراياح كرارسيه و ترفرف الأوراق في  سماء القرية كلها و يلعب الأطفال خلف الكاتب زبور و تتعالى أصواتهم؛ زبور داه البابور.

لاشموت عمار

مقالات ذات صلة

إغلاق