الأرشيفثقافات

عبد الحق برارحي…مسارات ومحطات

عقد السيد عبد الحق برارحي ندوة صحفية تناول فيها آخر اصدار له “مسارات” عن “منشورات نسيب” ، عرض فيها الكاتب أهم محاور الكتاب، بدأ من طفولته في مدينة خنشلة أين تلقى السيد برارحي تعليمه في المدرسة القرآنية على يد والده الذي كان يشتغل إمام و خطيب الجامع ومسؤول عن فريق كرة القدم لمدينة خنشلة ، هذا الوالد الذي إختار لأبنائه الإلتحاق بالمدرسة الفرنسية التي شكلت نقطة تحول في مساره المهني و الشخصي.

هذا الوالد الذي يقول عنه برارحي أنه كان مدرسة في التسامح و الحوار مع الأخر و التعايش و الانفتاح، ينتقل بنا السيد برارحي إلى السنوات الأولى للاستقلال، بعد مغادرة الطاقم الطبي الفرنسي أرض الوطن ، يجد السيد عبد الرزاق نفسه مسؤوال عن مستشفى القطار في العاصمة وهو لا يزال طالب في كلية الطب ، يذكر فيها مختلف التدخلات و العمليات الجراحية مع طاقم جزائري غير مكون و لكن التحدي و الإرادة تخطت كل العقبات ،يقول أنه في بئر خادم أقدم على تطعيم لوحده حوالي 500 طفل. بعد تجربة في ممارسة مهنة الطب، البحث العلمي كان أيضا لبرارحي ايضا مسار في حياته ككاتب ،يروي فيها تفاصيل إرساء أول أرضية قانونية و تشريعية حول البحث العلمي، يكتب التاريخ أيضا أن برارحي كان أول عميد لجامعة قسنطينة ، المؤلف أفرد لهذا فصلا كاملا يروي فيه أهم المراحل و المحطات التي أعقبت بناء هذا الصرح الجامعي لمدينة قسنطينة. كان حلما تحقق بالنسبة له ، جامعة اختارت أرضيتها على هضبة تطل على كامل المدينة كان في كل ليلة يصعد إليها متأملا أضواء  قسنطينة ،كان منصب عميد الجامعة خطوة نحو تولي وزارة التعليم العالي. كان عبد الحق برارحي أول وزير للتعليم العالي في عهد شاذلي بن جديد، مسار توقف عنده الكاتب كثيرا، فقد شهدت الجامعة خلال مرحلة استوزاره عدة أحداث و اضطرابات كالربيع الأمازيغي وأحداث قسنطينة 87 وصعود تيار الإسلام السياسي وتصاعد العنف الأيديولوجي في الحرم الجامعي وقضية التعريب ومختلف التوجهات السياسية، كل هذه النقاط تعرض إليها الكاتب بتفصيل وفق ما شهده حيث كان فاعلا أساسيا في بعض مجريات الأحداث و كذا ملاحظا داخل منظومة حكم معقدة و متضاربة المصالح و المنافع ، خاصة الربيع الأمازيغي و أحداث قسنطينة 87 التي مهدت لانتفاضة أكتوبر 88 .

مسار آخر ينتقل إليه السيد برارحي من التعليم العالي إلى وزارة الشبية و الرياضة وانتفاضة أكتوبر، شهادة يروي تفاصيلها السيد برارحي كون مقر الوزارة كان وسط الأحداث و أكثر المقرات تعرضا للتخريب والحرق ، تفاصيل أمنية و سياسية يتناولها المؤلف داخل سرايا الحكم وموقف الشاذلي وحمروش والعربي بلخير ومختلف الفاعلين خلال تلك المرحلة، يقدم فيها أيضا قراءته الخاصة لأسباب وتداعيات تلك الانتفاضة،بعد التعددية مسار آخر في حياة السيد برارحي، حياته الديبلوماسية وتعيننه سفيرا في جاكرتا.

الكتاب أرشيف من الوثائق و الصور رسمت مسار هذا الطبيب والمسؤول والوزير والسفير ، الكتاب حمل أيضا نقدا من الداخل من عنصر كان مسؤلا وإطارا في الدولة دون أن يكون فردا داخل النظام كما يقول، “لقد كنت دائما حرا، نزيها، غير قابل الابتزاز و التقويض. كنت دائما مسؤولا أمام الضمير والقانون وليس تجاه الأشخاص وهذا سبب لي الكثير من المشاكل و الصعوبات، في انتظار الجزء الثاني  يرسم خلاله مساره النضالي و السياسي خارج منظومة الحكم.

مقالات ذات صلة

إغلاق