الأرشيفسياسةوطني

لنتكلم..عن سلبيات المقاطعة!

وصلتني هذه الرسالة : “كلنا أبناء الجزائر، بالموالي بالمقاطع، بالذي انتخب بالذي لم ينتخب، كما حظيتم بــ38% مشاركين، حظينا بــ60% مقاطعين تقريبا، لذا نطالب بحصتنا في البرلمان.. لأننا كنا أكثر من الأفلان والأرندي وكل الأحزاب.. وأظن أن المقاطع يستحق بجدارة هذا الاستحقاق.. لأننا كنا أقرب من الشعب.. ألا تستحق التأمل؟؟”. لم أرد الخوض فيها الموضوع لولا هذه الرسالة غير المنطقية التي استفزتني، كيف لمن قاطع ويمثل في المعادلة السياسية صفر على الشمال، أن يطالب بما يعتقد أنها حصته في البرلمان.. فكان جوابي على صاحب هذه الرسالة بهذه الكلمات : نعم.. ولكن اقلب المعادلة وكن منطقيا، تخيل لو أن النسبة معاكسة، وأن 60٪ من الهيئة الناخبة اختاروا غير الأفلان والأرندي، ألم تكن لتتغير المعادلة ولو نسبيا، ألا يمكن لهذه الكتلة الكبيرة أن تشكل حكومة جديدة قد تقلب الموازين ولو بعد حين، لتحقق لنا انتقالا سياسيا واقتصاديا يستفيد منه جميع الجزائريين في الداخل والخارج.. بعد خمس سنوات.

أو عشر سنوات.. أو حتى 15 أو 20 سنة.. ألا يمكن لهذه الكتلة الكبيرة أن تغير الدستور ليكون توافقيا حقا وحقيقة، تتبعه قوانين تحقق للجزائريين الحريات الفردية والجماعية التي يناضل من أجلها منذ الاستقلال، أعتقد أن المقاطعة ضيعت علينا فرصة حقيقية للتغيير، وهذا دون التطرق لما شاب العملية من شكوك لا أود التطرق إليها.. ألا يمكن لكتلة سياسية داخل البرلمان تمثل 60 بالمائة من الجزائريين، أن تنقلنا من اقتصاد ريعي لا ينام القائمين عليه اليوم خوفا من انهيار أسعار النفط، إلى منظومة تفهم قواعد الحكم راشد لنصبح بلدا ناشئا بالفعل وليس بالأوهام، ينخرط في هذا المسعى أكثر من 60 بالمائة من الجزائريين لوعيهم بصعوبة الوضع الراهن وأملا في مستقبل يحقق الهناء والنماء.

أليس هذا الانخراط في الفعل السياسي بقوة، يمكنه أن يحد ويقلل من كل ما يمس العملية الانتخابية من شكوك.. أليس هذا أحسن وأنفع من أن تطالب الكتلة الصامتة بشيء ليس حقها القانوني وليس بحقها المنطقي… هل ستحتج الفئة الصامتة على قوانين المالية التقشفية القادمة.. أم ستصمت.. طبعا ستحتج وقد تنتفض.. ألم يكن أحسن لو انتفضت وعاقبت دعاة برنامج الرئيس الذي يبدو أنه يحمل سياسية لا شعبية تقشفية بالمزيد من الضرائب… ولكن في النهاية ستجد هذه الفئة الكبيرة أقلية في البرلمان ستقاوم عنها داخل المؤسسات، وتعمل على كشف كل ما لن يخدم الشعب من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، والوقوف بالمرصاد بكل ما يهدد الهوية الوطنية، ورفض المساس بالحريات الفردية والجماعية… إنه منطق المقاومة السياسية داخل المؤسسات، ورفض الاستسلام ورفع الراية البيضاء.. إنه شرف خدمة الشعب من خلال التدافع السلمي، والمقاومة داخل المؤسسات، لإعلام الشعب وتأطيره.. إنه الواجب السياسي والأخلاقي… أُعَلِلُ النَّفْسَ بِالآمَالِ أَرْقُبُهَا.. مَا أَضْيَقَ العَيْشَ لَوْلَا فُسْحَةُ الَأمَلِ

بقلم الصحافي : عبد الله ندور 

مقالات ذات صلة

إغلاق