آراء وتحاليلوطني

شباب اليوتوب في قلب الصراع السياسي

أن يقوم وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى بالرد على شباب حققت فيديوهاتهم المنشورة في اليوتيوب والذي أظهرت عورات الأحزاب والمترشحين لقبة البرلمان، فذاك دليل عن الصدى الذي صارت تحققها، بل وتظهر بوضوح أن السلطة التي طالما تغنّت بمنح مشعل المستقبل للشباب يزعجها الأمر حين يقومون بالتحرك على طريقتهم، واسماعهم لأصواتهم بالكيفية التي يتقنونها، “أنس تينا” و”دي زاد جوكر” أيقظا السلطة والشعب على حد سواء من سبات وركود الحملة الإنتخابية في أيامها الأخيرة، بل وذهب الكثيرون إلى القول أنهما قد دقّا المسمار الأخير في نعش أهل “سمّع صوتك”.

إن الهوة بين الشباب والسلطة تتسع من يوم لأخر، أهل الحل والربط في الجزائر لا يفهمون خطاب أكبر شريحة فيها، بل ولا يعلمون ما يريده الشباب حقا، لا يعيرون اهتماما لتطلعاتهم وأحلامهم المفتوحة على مصرعيها وسط عالم لا يتوقف عن التطور يوميا، ووسط ثورة تكنولوجية جعلت من وسائل التواصل رقيبا ورقما مهما في صنع القرار وإيصال المعلومة وتحليلها، وعلى نفس الطريق سارت معظم الأحزاب التي تشكك في كل ما يأتي من الشباب من تحركات ومبادرات، فالقيادي البارز في حزب “الأرندي” صديق شيهاب يظن أن هناك من يقف وراء فيديو “ما نسوطيش” والذي حقق عدد مشاهدات أكبر ربما ممن حضر التجمعات الشعبية خلال الحملة الإنتخابية، فهل يعلم السيد شيهاب أن شباب الجزائر قادرون على فعل الكثير لو توفر لهم القليل من المناخ الذي يسمح بذلك، إن رد فعل محمد عيسى وصديق شيهاب يؤكد مرّة أخرى “القطيعة بين الأجيال” التي طالما تحدث عنها الكثيرون.

قبل بداية الحملة الإنتخابية أطلق مجموعة من الفنانين يتقدمهم مغني الراب “كريم الغانغ” أغنية “بلادنا” والتي كانت تدعو الناس إلى ضرورة التصويت والمشاركة في الإنتخابات، الأغنية لم تلق نجاحا ورواجا كبيرا بل إن طريقة تفاعل غالبية مستخدمي مواقع التواصل معها كانت سلبية، ما جعل”كريم الغانغ” يتعرض لبعض المواقف المحرجة أثناء إحيائه لحفلاته كما تظهره بعض الفيديوهات المنتشرة، إن سرّ نجاح أعمال “دي زاد جوكر” و”أنس تينا” هي اللغة البسيطة القريبة للمواطن التي استخدماها، ففيديو “ما نسوطيش” تطرق للكثير من المشاكل التي تعانيها الجزائر في ميدان الصحة والسكن والثقافة والتربية والرياضة، كما كان تشريحا للشارع الجزائري وما يفكر فيه الجزائريون، إن ما جاء في الفيديو هو ما يلتقيه المواطن الجزائري يوميا ما صنع قوة الرسالة فكسب الفيديو أزيد من مليوني مشاهدة في ظرف قياسي، قد يكون شمس الدين لعمراني محقا حين أسمى الفيديو ب”صوت الشعب”.

ما يجب أن تفهمه السلطة والأحزاب، أن عدم انخراط الشباب في الفعل السياسي يعتبر بحد ذاته موقفا، بل ويتداخل مع منظومة كاملة، وكان نتاجا لعدة تراكمات، إن عدم اهتمام الشباب بعملية الإنتخاب كان تحصيل حاصل وسط مناخ خلق الفشل على جميع الأصعدة.

بوبكر بلقاسم

 

مقالات ذات صلة

إغلاق