آراء وتحاليلالأرشيف

قانون “دراكولا” ونواب 2017!

يستيقظ الجزائريون يوم الثلاثاء القادم على وقع التصويت على قانون المالية لسنة 2017 ، وما أشبه اليوم بالأمس ، لما حمله نفس القانون قبل سنة ، من أخبار زيادات في الكهرباء والغاز والنقل وضرائب على العقارات وغيرها ، ستطال هذه المرة أيضا البنزين والمواد الغذائية وتعبئة الهاتف النقال وإلغاء تعويض بعض الأدوية وضرائب أخرى لا تحصى ،رغبة من “دراكولا” إمتصاص المزيد من الدماء ، تزداد ارتفاعا كلما تم تخفيض قيمة الدينار الذي انهار بحوالي 40 بالمائة.

من المفارقات هذه المرة أن المجلس الشعبي الوطني سيكون ممتلئا عن آخره يوم المصادقة ، بنواب يرفعون شعار “تمثيل الشعب” ، ليس من أجل الوقوف ضد الزيادات في الأسعار والضرائب وإسقاط القانون ، ولا حتى من أجل تمرير القانون ، لأن الأمر أصبح مسلما به ولا يمكن الخروج   عن التقاليد السابقة ، باعتراف من النواب أنفسهم،حيث يتحدثون في كل مرة عن تعليمات يصفونها “فوقية” دون جرأة الإفصاح عن هوية هذا “الغول” الذي يتدخل في عمل البرلمان في دولة يتغنى دستورها بـ”الفصل بين السلطات”.

لكن الأمر الذي يجعل الجلسة تشهد حضورا غير مسبوقا للنواب وهو ما بدا بالفعل منذ أيام عندما عاد غائبون إلى ديارهم (بعضهم لم يظهر منذ انتخابه في 2012 ) ، هو حتما اقتراب التشريعيات المرتقبة ربيع السنة المقبلة التي أعلنت بداية معركة الكواليس داخل المجلس وانطلاق موسم ” الإسهال” و” شد القلوب” لدى نواب يحبسون أنفسهم خوفا من فقدان منصب يدّر الكثير من المال والامتيازات خلال خمس سنوات قضاها الأغلبية في “سبات عميق”.

فكيف لنائب ذهنه منصب حاليا حول البرلمان القادم أن يكترث بما جاء في قانون المالية الحالي؟ الجواب قد يأتينا من تسريبات  قد  تكون مدروسة ومضبوطة.. بعنوان ” 260 مليون سنتيم لكل نائب في نهاية العهدة التشريعية” تجعله يفكر ألف مرة قبل التفكير في عدم رفع يده يوم المصادقة ، لأن أقل الأضرار أنه سينهي عهدته بمكافئة ودون محاسبة أو تقديم حصيلته ، ناهيك عن تحالفات ووعود جزاء تمرير سياسات حكومية ، تثير استياء نقابي وسخط مواطنين يشتكون من غلاء الفواتير ، بينما لا يسأل نفس النواب الحكومة هل أنجزت أهداف قانون المالية للسنة الماضية ؟ بعد تجميد عدد هائل من المشاريع ذات المصلحة العمومية ، رغم الأهمية الملحة لبعضها .

الغريب أن أعضاء لجنة المالية في البرلمان الذين ناقشوا مصير البلاد والعباد في قانون المالية 2017 قاموا حتى بعملية استباقية للحفاظ على مناصبهم ، كنوع من التزلف للحكومة ، من خلال زيادة ثلاث مواد للقانون تتضمن ضرائب جديدة على المواطنين في صورة كاريكاتورية لم تحدث في برلمانات العالم ، أظهرت أن النواب الذين يعملون باسم الشعب وتحت شعار “خدمة الشعب ” هم أسوأ على الشعب من الحكومة نفسها التي أرهقت المواطن بالزيادات ، ولم تجرأ من باب المبالغة أو الحياء على زيادات أخرى مثل التي اقترحها النواب أنفسهم والتي أقرت رفع الرسم عن تعبئة الدفع المسبق للهاتف النقال ، في حين أن أغلب التعديلات التي تم اقتراحها لا تعدو أن تكون شكلية .

حتى نواب المعارضة الذين يرفضون قانون المالية ومجموعة من القوانين التي تحيلها الحكومة على البرلمان يقفون في وضعية ” شاهد مشافش حاجة” أمام المهازل التي تحدث في المؤسسة التشريعية ، يعلوا صوتهم قبل تمرير قانون ويخفت بعد اعتماده ، عوض الضغط على الحكومة لإعادة الشرعية لهذه المؤسسة أو الاستقالة الجماعية لوضعها أمام الأمر الواقع . لكن الحقيقة تجعل المتتبع لا يستغرب تصريح رئيس “حمس” الذي دافع عن نواب حركته بسبب الانتقادات حول الراتب والامتيازات لتبرير المشاركة في التشريعيات ، هذه الاستحقاقات التي أعلنت أغلبية أحزاب المعارضة دخولها رغم تشكيكها في نزاهتها واقتناعها بعدم الحصول على أغلبية تؤثر على سياسات الحكومة ومشاريعها ، والتسليم بإنتاج “برلمان 2012 مكرر” لا يغير في الواقع الحالي شيئا.

بوسعد لزيلة

مقالات ذات صلة

إغلاق