آراء وتحاليلالأرشيف

مهدي بسيكري :المنطق في ما نراه!

إلى الزميل و الأخ فريد بوشان أتوجه مباشرة إليك لأجيب عن مقالك الذي ربما كان ردا لمقالي في موقع طريق نيوز الصادر يوم 7 نوفمبر 2016.

بحثت عن مبرراتك فوجدت تناقضا رهيب مقارنة ما كتبته في نصك الصادر يوم 8 نوفمبر على طريق نيوز و في نص آخر صادر يوم 1 سبتمبر في نفس الموقع و كذلك في أجوبة صادرة على صفحتك الفايسبوكية يوم 8 نوفمبر.

أنا لا ألوم و لا يعنيني إنخراطك في حزب الأرسيدي و إن لم يكن ذلك فأنت من مناصريه.

هذا إن فهمت منشوراتك  التي تدل  على  ميولك لهذا الحزب الذي قرر المشاركة في الإنتخابات التشريعية المبرمجة في ربيع 2017. بعد إصدار مقالك “المشاركة من أجل عزل السلطة في مؤسساتها”(نشر 7 نوفمبر 2016 ), ذكر أحد متتبعيك “لكنك كتبت ضد المشاركة؟”,حيث يلح عن موقف سبقت أنت في إعلانه في مقال عنوانه “الانتخابات التشريعية 2017:ما هي الحلول المتاحة أمام المعارضة ؟”( نشر 1 سبتمبر 2016 ) http://cutt.us/I5yJz

 . و كان ردك على النحو التالي: “لما كتبت ضد المشاركة كان ذلك بصفتي صحافي, وحتى كوني مناضل في حزب سياسي وعبرت عن رأيي ودافعت عن خيار المقاطعة, لكن الأغلبية الساحقة قالت نعم للمشاركة, وأنا مناضل ديمقراطي وأحترم رأي الأغلبية ومنضبط ومستعد للدفاع عن قرارات حزبي.” بصفة صحفي أو لا,كمناضل أو لا, هناك جزء لا يتجزأ من الفرد. المهم بالنسبة لي هو ما يمكن أن نستنتجه من التجارب الإنتخابية السابقة و ما هو المفيد من المشاركة في آونة مثل التي نعيشها.

 بماذا فازت الساحة السياسية الجزائرية بعد مشاركة الأفافاس في 2012؟ و هذا السؤال يمتلك في نفس الوقت الجواب إذا أردنا فهم مألات  مشاركة الأحزاب التي تصنف نفسها في المعارضة في التشريعات المقبلة.  في سؤال آخر رد عليك نفس المتتبع “لكن كيف تجد مبررات منطقية لنقيض ما قدمته بمبررات واقعية؟. فكان جوابك: ” حتى لو كانت مبرراتي منطقية لكن صوت الأغلبية والديمقراطية يتغلب أحيانا على المنطق ومبرراته.” بدون أن أحكم عن التصرفات و القوانين الداخلية لحزب أو تكتل, الديموقراطية تلزم على القيادات, خاصة في ظرف سياسي كالذي نلاحظه, إستشارة كل قواعد المناضلين المنخرطة و ليس فقط مجلس “وطني” يمثل أقلية في وسط أغلبية.رأس الهرم الذي يحسم الأمر على حساب القاعدة لا يعتبر ديموقراطية و لا رأي الأغلبية. و كما ان لست مدرسا في النضال, من المعروف أن القناعة الشخصية تبقى ثابتة رغم تقلب القيادة على ما كان متفق عليه. و ألاحظ من جهة أخرى جملة في مقالك الصادر يوم7 نوفمبر, حيث كتبت “استبق العقل والمنطق قبل الغريزة الوطنية والعاطفة الجزائرية, فمن لا يحيط علمه بالمنطق فلا ثقة في علومه”. إذا أين هو المنطق و أين هي العاطفة عندما ذكرت و على ما يبدو أنت على يقين و في نفس المقال “أمر مؤكد, ومفروغ منه, أن الانتخابات المقبلة لن تكون شفافة وذات مصداقية”.

تكتب شيئا و تؤمن بالعكس في آن واحد! في عبارة أخرى و دائما في مقالك الصادر شهر نوفمبر ذكرت بأن “خيار المشاركة الجماعية لأحزاب المعارضة سيدفع السلطة بطريقة غير مباشرة إلى مراجعة حساباتها وتكتيكها القمعي, بمعنى ماذا لو تكتلت مثلا أحزاب التنسيقية في البرلمان, لتشكل بذلك قطب كبير لمعارضة مقترحات السلطة؟”. في هذا الصدد كيف نستطيع أن نكون مقتنعين بفكرة عمل جماعي لمعارضة و هي لم تستطع أصلا أن تتفق لأخذ موقف لا لإختيار مترشح فريد في رئاسيات 2014 و لا للإنخراط في إستراتجية موحدة و شاملة و فعالة للعرض الإنتخابي القادم. كيف ممكن أن نؤمن بما تتمناه في مقالك عندما نستطلع أن مبدئيا ندوتي “مزفران” لا تعطي شرعية لا للنظام و لا للمسارات الإنتخابية المبرمجة. و للعودة لمقالك المنشور فاتح سبتمبر تعتقد أن “أمام أحزاب المعارضة فرصة تاريخية أخرى, ربما لا تعوض في المستقبل القريب, لإبطال أية صفقة مع السلطة القائمة, والدفع بها عن طريق تكتلها في التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي وهو أكبر تكتل للمعارضة في تاريخ الجزائر للحوار والتفاوض على أرضية الانتقال السلمي والسلس للحكم, وذلك سواء بمقاطعاتها جماعيا للانتخابات التشريعية المنتظرة عام 2017 أو المشاركة فيها بشكل جماعي, لكن الموقف الصائب والأقرب إلى الممارسة السياسية المنطقية الذي ينبغي على المعارضة باتخاذه هو موقف المقاطعة في ظل تعنت السلطة ورفضها لكل المقترحات التي تقدمت بها المعارضة في السنوات الأخيرة بخصوص مقترحات حول قانون الانتخابات وضرورة إنشاء هيئة وطنية مستقلة للإشراف على انتخابات نزيهة وذات مصداقية بعيدة عن التنظيم الإداري للسلطة”. و حول هذه الفقرة نلاحظ أنك فعلا أكثر اقتناعا بفكرة المقاطعة بشكل جماعي لكي لا تكون حسب فهمي لهذا النص أي فرصة لتلميع السلطة عبر “إبطال صفقة” و تكريس ما فهمته من هذا المقال “ممارسة السياسية المنطقية”.

و ما أعتبر تناقض في مقالك الثاني هو الرجوع عن ما كتبته في مقالك الأول حيث نقرأ:” من المعقول أن تفكر المعارضة اليوم بكل جدية وعقلانية بمصير العمل السياسي وتتخذ موقف مقاطعة الانتخابات جماعيا, لتصنع مجد التاريخ لها, وتسترجع الجبهة الشعبية التي ضيعتها في السنوات الماضية بسبب هكذا مناسبات مصيرية, وتنفض غبار الأنانية عن نفسها, وبالتالي حتى لا تقع في تناقض مع نفسها وأمام مواقفها الشهيرة.” فبالتالي, هل نعتقد أن المعارضة بمشاركتها في التشريعيات المقبلة لا تصنع لا تاريخا و لا تسترتجع جبهة شعبية؟ إذا كان الجواب بالنفي فما فائدة خوض معركة مفبركة و مزورة من البداية؟ و للدخول في بيت القصيد و أبين لك بالدليل ما أوصفه بالتناقض الرهيب هو ختام نصك الأول أين ترى بأن: “صحيح مسألة الكرسي الشاغر لا يجدي نفعا أمام هذه السلطة, لكن اعمار برلمانها وتبييض صورتها داخليا وخارجيا لا يخدم مستقبل التغيير المنشود في البلد”. لا أدري ما دفعك لتغيير رأيك في ظرف شهرين. لكن أشاطرك الرأي في هذه النقطة تماما! و في الأخير أود التوضيح بأن القضية لا تندرج فقط أو خاصة في الإنتخابات و إنما في كيفية تغيير  منظومة حكم بأكملها سلميا, و إرساء ذهنية سليمة للدخول في طريق النمو. تحياتي الخالصة.

مهدي بسيكري

مقالات ذات صلة

إغلاق