آراء وتحاليلرؤية

رؤية .. صرخة من باتنة.. مواطنون لا قطيع !

تتذكرون الرحلة الفردية والجماعية التي بدأناها في العمود الأول..تجاه المواطنة.أقول لكم من الآن بأن الطريق مليء بالحفر المنصّبة عمدا..أولا علينا أن نعلم أن هناك مؤسسات تخطط وأناس يفكرّون وساسة يطبقّون وعسكر يحرسون الحدود الفاصلة بيننا كمجموعة كبيرة غير فعّالة وبين درجة المواطنة المنشودة.

كل ما يحدث عندنا يهدف أساسا إلى الإبقاء على غشاوة سميكة فوق أعيننا تمنعنا من الخروج من الطريق المسّطر لنا سلفا..وهذا منذ السنة الأولى ابتدائي أين تنطلق عمليات التلقين والحفظ عن ظهر قلب فيما يشبه “عسكرة” للتعليم..كأن القائمين على قطاع التربية يريدون تلاميذ متشابهين بنفس الطول بنفس الروح بنفس “اللاّفكر”.. يسهل إدخالهم في قالب واحد والتأثير عليهم بنفس الوسائل الدعائية وحجبهم عن هدف أساسي في الحياة (عندما تكون تحت وطأة نظام شمولي) وهو أن تعيش وأن تموت كمواطن.!

ورغم هذه العوائق المركبة تركيبا أمام طريقك إلا أن الناجون كثر ولن أطيل في وصف توليفة نظرية لكيفية تجسيد المواطنة..بل سأقدم لكم نموذجا واقعيا أعتبره من أرقى تجليات ممارسة المواطنة التي صادفتها في حياتي..النموذج من ولاية باتنة وتحديدا بلدية وادي الطاقة (إغزر نثاقة) التي تشهد منذ عامين حملة سلمية “إيكولوجية” من أروع ما يكون.يرفض الشباب هناك مشروع أحد المستثمرين الخواص الذي يريد بناء مصنع إسمنت فوق قطعة أرضية هاربة من الجنة..نجد فيها عشرات الآلاف من الأشجار المثمرة ومنابع طبيعية عديدة كما تعتبر مزارا لسكان ولاية باتنة وضواحيها كي يتنفسّوا هواء نقيا..والمذهل عند هؤلاء الشباب ليس الرفض في حد ذاته بل طريقة التعبير عن هذا الرفض ،أولا مسيرات سلمية تجّند لها الآلاف دون أن أيّ تجاوز أو إنحراف رغم إستفزازت الإدارة . ثانيا القيام بحملات تشجير واسعة ..تخيل معي احتجاج بغرس الأشجار..مئات الأشجار..ضف إلى ذلك دورات كرة قدم تحت شعار “لا لمصنع الأسمنت” وكذا حفلات موسيقية ينشطها فنانو الأوراس المناهضون للمشروع..بعبارة أخرى جمع هؤلاء الشباب في عامين من النضال الميداني (الفن الرياضة والعمل من أجل الطبيعة) بهدف إنقاذ أراضي زراعية وترك هواء نقي للأجيال القادمة.. ببساطة هذه هي المواطنة وهؤلاء هم المواطنون.

بقلم جعفر خلوفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق