ثقافات

29 فيفري : رحلة السنة الكبيسة بين أروقة السلطة وأساطير العشق

تاريخ السنة الكبيسة ويوم 29 فبراير يعود إلى فترة نشأة فكرة التقويم، حيث وضع يوليوس قيصر أسسًا للتقويم الروماني في عام 45 قبل الميلاد. كان الهدف من إنشاء هذا التقويم هو وضع حد للفوضى التي كانت تحدثها التقاويم المتغيرة والتي كانت تُعتمد على مزاج أصحاب السلطة.

وبناءً على حساب سرعة دوران الأرض حول الشمس، اكتشف يوليوس قيصر أن العام يستغرق 365 يومًا و6 ساعات وبعض الدقائق. ولحل هذا الاختلاف، قرر جعل السنة مكونة من 365 يومًا فقط، وإضافة يوم إضافي كل أربع سنوات ليصبح العام الرابع 366 يومًا.

في التقويم اليولياني الذي وضعه يوليوس قيصر، جعل كل شهر يتكون من 12 شهرا، حيث جعل الشهور الفردية تحتوي على 31 يومًا، والشهور الزوجية 30 يومًا. ووضع شهر فبراير/شباط ليكون المسؤول عن اليوم الإضافي، حيث يكون 29 يومًا في السنوات الكبيسة و28 يومًا في السنوات العادية. تحمل شهر فيفري هذه المسؤولية نظرًا لأنه كان أحد الشهور الأقل أهمية بالنسبة للرومان، حيث لم يكن يرتبط بأي مناسبة دينية خاصة ولا كان يتعلق بمواسم الزراعة.

ظلت هذه النظامية قائمة حتى عام 33 قبل الميلاد، عندما قرر الملك أوكتافيانوس تغيير اسم الشهر الثامن إلى اسمه الخاص “أغسطس”، وذلك بتحويل يوم واحد من شهر فيفري إلى شهر أوت. وبناءً على ذلك، تم إعادة ترتيب الأشهر بشكل يلائم هذا التغيير.

11 دقيقة زائدة

على الرغم من ابتكار يوليوس قيصر لفكرة السنة الكبيسة لتصحيح الخطأ الحسابي، إلا أن هناك 11 دقيقة زائدة ظلت تشكل تحديًا. تراكمت هذه الدقائق الإضافية عبر السنين، مما أدى إلى مشاكل للكنيسة الكاثوليكية، حيث تغير موعد يوم الفصح على مر الزمن بسبب هذا التباين الزمني الصغير.

ومن أجل حل هذه المشكلة، قام البابا غريغوري الثالث عشر في القرن السادس عشر بإنشاء قانون جديد يحافظ على السنوات الكبيسة كما هي. ولكن بموجب هذا القانون، إذا كانت السنة رقمها مئويًا ولا تُقسم على 400، فإنها لن تعتبر سنة كبيسة. وقد حدث ذلك في السنوات 1700 و1800 و1900، حيث لم تكن كبيسة، بينما كانت السنة 2000 كبيسة وفقًا لهذا القانون الجديد.

مواليد 29 فبراير

نظرًا لندرة حدوثه يوم واحد كل أربع سنوات، فإن المولودين في 29 فبراير ليسوا كثيرين. وفقًا للإحصاءات، يتم ولادة مولود واحد فقط في هذا اليوم بين كل 1461 شخصًا، مما يعني أنه يولد حوالي 5 ملايين شخص فقط من أصل سكان العالم البالغ عددهم 7.5 مليار نسمة.

تختلف طريقة تسجيل المواليد في هذا اليوم حسب العادات والقوانين في كل دولة. في الولايات المتحدة على سبيل المثال، تختلف الممارسات من ولاية إلى أخرى، حيث تقوم معظم الدول والحكومات بتسجيل المواليد في 1 مارس، بينما تقوم بعض الدول مثل نيوزيلندا بتسجيلهم في 28 فبراير.

وعلى الرغم من ندرة ولادة الأطفال في هذا اليوم، إلا أن بعض العائلات تمكنت من إنجاب أكثر من طفل في 29 فبراير. على سبيل المثال، عائلة هينركسن في النرويج حققت إنجازًا مميزًا وتم تسجيلها في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، حيث أنجبت ثلاثة أبناء تواليًا في هذا اليوم المميز في أعوام 1960 و1964 و1968.

أساطير الحب والتعاسة

نظرًا لندرة حدوث يوم 29 فبراير، ارتبط هذا اليوم بعدد من الأساطير والعادات، من أشهرها وأكثرها انتشاراً تقليد طلب الزواج الذي يختلف فيه الأمر عما هو معتاد. فبدلاً من أن يكون الرجل هو من يطلب يد المرأة التي يحبها، يُسمح في هذا اليوم للمرأة بطلب الزواج من الرجل الذي تحبه، ويتعين عليه أن يقبل طلبها.

تُنسب هذه العادة أحيانًا إلى ملكة أسكتلندا مارغريت التي أقرت هذا القانون عام 1288، بينما يرجع في إيرلندا إلى القديسة بريغيد التي أقنعت القديس باتريك بالموافقة على هذا التقليد. وعلى الرغم من موافقته، إلا أنه لم يوافق على طلبها، وقد قدم لها هدية تتمثل في فستان من الحرير كتعويض. وما زالت هذه العادات مستمرة حتى الآن، حيث يُعوض الرجل المرأة التي طلبت الزواج منه بالعديد من الهدايا، كما أنه يعتاد في بعض الأحيان إعطاؤها 12 زوجًا من القفازات لتغطية يديها التي لا تحمل خاتم الزواج طوال العام.

ومن ناحية أخرى، في اليونان، يُعتبر الأمر على النقيض تمامًا، حيث يُعتقد أن الزواج خلال السنة الكبيسة، وبشكل خاص في يوم 29 فبراير، يؤدي إلى التعاسة. وإذا انفصل زوجان خلال هذه السنة، فلن يشعرا بالحب والسعادة مرة أخرى.

وعلى الرغم من أن تقليد طلب المرأة ليد الرجل يُعتبر تقليدًا سعيدًا في أسكتلندا، فإن هناك اعتقادًا بأن ولادة شخص في هذا اليوم المميز تجلب الحظ السيء في حياته العاطفية.

مقالات ذات صلة

إغلاق