سياسة
أخر الأخبار

من هم أصحاب الأرض في فلسطين؟

من هم أصحاب الأرض في فلسطين؟

أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال أصبحت أكثر من ضرورية، لأن الجواب عليه هو من سيصون كرامة الشعب الفلسطيني أمام افتراء البعض منا للأسف الشديد مِن مَن يقولون أن اليهود عادوا إلى أرضهم..

في الحقيقة فلسطين من أكثر بقاع الأرض جدلية وبالأخص هذه الأيام، فلسطين أو ما عُرف في السابق بأرض كنعان..

ما هو اساس التسمية؟ من سكَنها؟ وهل فلسطين عربية حقا؟

حسب ما أورد أغلب أهل التاريخ وما ذُكر في أغلب الروايات الموثقة والمتعلقة بالديانات الإبراهيمية، أغلب المؤرخون اتفقوا على أن التسمية مأخوذة من كلمة “كنع” أي الأرض المنبسطة والدافئة، أول من هاجر إليها هم الكنعانيون وقلة من المؤرخين يحاولون نسب كلمة كنعان من حام ابن النبي نوح عليه السلام، لكن هذا الاعتقاد اعتبر ضعيف جدا.

أرض كنعان هي أرض فلسطين، لبنان، الأجزاء الغربية من الأردن وسوريا، هذه المنطقة كانت منطقة خصبة، وهذا ما جعلها محطّة أنظار الطامعين للإستقرار فيها.

البداية كانت من الطوفان العظيم، زمن النبي نوح عليه السلام، خرج ثلاثة من أبنائه على مثن السفينة، سام وحام ويافث، الإبن الرابع حسب المؤرخين الذي يدعى يام أو كنعان أبى أن يخرج في السفينة وهلك في الطوفان.

بعد أن رست السفينة كما هو متعارف عليه عند أغلب المؤرخين على جبل “الجودي” انتشر أبناء النبي نوح في الأرض حيث انتقل سام إلى شبه الجزيرة العربية فيما اختار حام شمال افريقيا في حين يافث توّجه فيما يعرف بأرض الروم، اوروبا حاليا.

وما يعنينا هنا هم قوم سام الذين سكنوا شبه الجزيرة العربية، ثم هاجر بعضهم إلى هذه الأرض، أرض كنعان أو فلسطين، بحثا عن الاستقرار والأرض الخصبة لممارسة الزراعة بعيدا عن الظروف المعيشية الصعبة في شبه الجزيرة العربية.

الكنعانيون بقوا فيها وشيدوا حضارة امتدت الى سوريا ولبنان واستدل المؤرخون من رسائل العمارية التي كانت مكتوبة باللغة الكنعانية والتي انبثقت منها اللغة العبرية والفينيقية.

ثم جاءت الأحداث التي غيّرت اسمها في أواخر القرن الثاني عشر قبل الميلاد، حيث بدأت غزوات القبائل الكريدية التي حاولت غزو مصر ولكنها فشلت، لهذا قرروا تغيير وجهتهم إلى أرض كنعان، وفعلا بدأت سلسلة الغزوات إلى أن استقرت في شواطئ يافا وغزة، وسميت تلك المنطقة فلسطين نسبة إلى القبيلة الكريدية “باليستو” وتعني في اللغة اليونانية القادمون من البحار، وما هي إلى فترة حتى اندمجت هذه القبيلة الجديدة مع الكنعانيين وأطلق اسم فلسطين على جميع الأراضي الساحلية والداخلية هناك.

ولكن هذا لم يكن الحدث الوحيد، حدث آخر لا يقل أهمية، وهو وصول أول الأنبياء إلى فلسطين، النبي ابراهيم عليه السلام الذي هاجر من العراق هربا من بطش ابناء بلدته، ورُزق بابنه اسحاق من زوجته الأولى في ارض كنعان، النبي اسحاق انجب النبي يعقوب الذي يُلَقب باسرائيل وهو من يُنسب له بني اسرائيل.

ولد النبي يعقوب عليه السلام في عام 1751 قبل الميلاد، هنا كانت بداية بني اسرائيل، رُزق يعقوب عليه السلام ب 12 ولد، بينهم يوسف الصديق عليه السلام، الجميع يعرف قصة سيدنا يوسف وكيف وجد نفسه واليا بمصر بعدما غدر به اخوته وكيف هاجر فيما بعد يعقوب واخوته الى مصر وكيف استقروا بمصر بعدما عفى عنهم اخوهم.

استمر الوضع على ما هو عليه واخذت سلالة بني اسرائيل تنمو شيء فشيء ومكثوا كل هذه الفترة بمصر حتى عهد النبي موسى عليه السلام وهنا ايضا حدث مفصلي حيث خرجوا من مصر وذلك في زمن رمسيس الثاني بعدما عانى النبي موسى ومن آمن معه من بني اسرائيل من اضطهاد دفعهم باتجاه فلسطين ولكن وصولهم لأرض كنعان لم يكن سهلا هذه المرة حيث دخلوا في تيه جعلهم يمكثوا في صحراء سيناء قرابة الاربعين عاما قبل أن يتمكنوا من دخول فلسطين بعد وفاة النبي موسى عليه السلام، ثم جاء يوشع ذو النون الذي قاد بني اسرائيل إلى فلسطين وعبر بهم الى أريحة.

هنا كانت فلسطين محكومة بما يعرف بعهد القضاء، ثم حكمها طالوت وبعدها جاء عهد الملوك وكان منهم سيدنا داوود عليه السلام الذي نجح في توحيد بني اسرائيل وقضى على الخلافات والحروب التي كانت بينهم واستطاع تأسيس أول مملكة لإسرائيل في جزء من أرض الكنعانيين العرب أو فلسطين.

بقي الحال على ما هو عليه حتى في عهد سليمان بن داوود عليهما السلام، لكن بعد وفاة سيدنا سليمان عادت الخلافات بينهما وانقسمت بني اسرائيل مرة اخرى حيث قامت مملكة يهودا في القدس ومملكة اسرائيل في السامرة وانطلقت الحروب بين المملكتين.

استعان كل منهما بقوى خارجية فمنهم من استعان بملوك مصر فيما استعان الآخر بالآشور، الشيء الذي خلق أطماع لدى المصريين والآشوريين في احتلال المنطقة.

استغل آنذاك ملك مصر شيشناق الخلافات بينهما واحتل مملكة اسرائيل واحتل الآشوريين مملكة يهودا وفرضت على مملكة اسرائيل الجزية وأُسر وهجّر إلى العراق من رفض دفعها.

أما مملكة يهودا فقد انتهت بعد الهجوم الذي شنه “نبوخذ نصر” الكلداني على فلسطين والذي تمكن على اثره الاستيلاء على القدس، حاول بقايا اليهود التمرد على سلطان بابل في فلسطين، فعاد نبوخذ نصر وغزاها من جديد وفي هذه المرة دمّر القدس وأتى على كل أثر لبني اسرائيل في تلك الأرض وعادت فلسطين كنعانية عربية تستقبل هجرات العرب من شبه الجزيرة العربية وسوريا.

وهكذا تكون دولة اليهود قد اختفت من فلسطين تماما، حاول من خلالها الأنبياء المرسلين اليهم بناء دولة لهم في جزء من الأرض التي يسكنها الكنعانيون العرب أساسا، خذلوا الأنبياء وخذلوا أنفسهم وبقي اهل كنعان العرب هم سكان هذه الأرض، أرض فلسطين..

أنا لست مؤرخ ولكن هذه الحكاية هي ما اتفق عليها أغلب اهل التأريخ وحملت نقاط مشتركة في كل الديانات الإبراهيمية..

محمد لمين مغنين

مقالات ذات صلة

إغلاق