وطني

تلاعب بكوطة سكنات الموظفين التابعين ل“FNPOS”

ميزانية وصلت الى 7 آلاف مليار تم التحايل بها

تجاوزات وخروقات للقوانين والأنظمة في تسيير الصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الإجتماعية “FNPOS” وكذا طريقة التصرف بالأموال التي تضخها الدولة سنويا والتي تتجاوز 7 آلاف مليار سنتيم، والتلاعب بكوطة سكنات العمال المنضوين تحت لواء الصندوق، ناهيك عن التحايل فيما يخص انتقاء المترشحين والمستفيدين بخصوص الدرجات والتنقيط، فيما حاول المدير السابق للصندوق والمديرين الجهويين التنصل من مسؤوليتهم، وشددوا على أن كل الإجراءات المتبعة في الاستفادة من السكنات كانت قانونية، ومرت على مجلس إدارة الصندوق بعد دراسة الملفات من طرف اللجان الولائية للسكن.
هو الملف الذي عولج على مستوى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، أين تتم محاكمة المدير العام السابق الصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الإجتماعية “س.ع” والمديرين الجهويين وإطارت بالصندوق، إذ وجهت لهم تهم تتعلق بإساءة استغلال الوظيفة عمدا، على نحو يخرق القوانين والتنظيمات ومنح امتيازات غير مبررة للغير مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية بمناسبة إبرام صفقة مع الدولة أو إحدى مؤسساتها، إلى جانب استغلال النفوذ الفعلي بغرض منح والحصول على منافع ومزايا غير مستحقة طبقا للمواد التي تضمنها قانون الوقاية من الفساد ومكافحته 01/ 06.

إستجواب المدير السابق للصندوق: ليست لدي صلاحيات منح السكنات والصفقات
أنكر المدير العام السابق للصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الاجتماعية “ع.س” الاتهام الموجه له من طرف رئيس القطب الاقتصادي والمالي، وأكد أنه ليست له أي صفة أو صلاحية في منح المشاريع والصفقات ولا توزيع السكنات التي هي في الأساس من صلاحية اللجنة الولائية للسكن، وأوضح أن جميع القرارات الخاصة بمشاريع السكن مؤشر ومصادق عليها من طرف مجلس إدارة الصندوق، كما رمى مسؤولية منح الصفقات على عاتق المديرين الجهويين للصندوق.

القاضي: أنت متابع بإساءة استغلال الوظيفة عمدا على نحو يخرق القوانين والتنظيمات ومنح امتيازات غير مبررة للغير مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية بمناسبة إبرام صفقة مع الدولة أو إحدى مؤسساتها، إلى جانب استغلال النفوذ الفعلي بغرض منح والحصول على منافع ومزايا غير مستحقة، هل تعترف، أم تنكر؟
المتهم: سيدي الرئيس، أنا أنفي هذه التهم جملة وتفصيلا، وهذه الوقائع لا ناقة لي فيها ولا جمل.

القاضي: أنت كنت تشغل منصب مدير عام الصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الاجتماعية، أعط لنا لمحة عن مهام هذا الصندوق؟
المتهم: أنا التحقت بالصندوق سنة 2006 إلى غاية 2015 وهذا الأخير يتكون من مدير ومجلس إدارة وأعضاء من الاتحاد الوطني للعمال الجزائريين وآخرين من وزارات العمل والداخلية والمالية، السكن والتضامن والمديرية العامة للوظيف العمومي، بالإضافة إلى عدد من أعضاء الباترونا، أما عن تمويل الصندوق فإن العمال يساهمون باشتراكات تقدر بـ0.5 بالمائة من مجموع 33 بالمائة التي يقتطعها صندوق الضمان الاجتماعي للعمال.

القاضي: يعني اشتراكات العمال التي تصب في الصندوق تقدر بنسبة 0.5 بالمائة؟
المتهم: نعم، سيدي الرئيس.

القاضي: الرقابة الوصائية لمن تعود؟
المتهم: إلى مجلس إدارة الصندوق.

القاضي: هل تخضعون لمحاسبة خاصة أم عمومية؟
المتهم: نحن لا نخضع لمحاسبة عمومية.

القاضي: لكن كيف لا تخضعون لمحاسبة عمومية و0.5 بالمائة هي من اشتراكات العمال؟
المتهم: لا، هو صندوق بتسيير خاص، يتلقى أمواله من اقتطاعات العمال “أكبر الأموال تأتي من قطاع التربية”.

القاضي: هل هي مؤسسة عمومية هدفها الربح أم لا؟
المتهم: هي مؤسسة عمومية، لكن غير مربحة “ما تربحش”.

القاضي: هناك مجموعة من المشاريع سجلت فيها خروقات وتحفظات، المشروع الأول يخص إنجاز 100 مسكن بولاية سعيدة، فقد تم رفع عدد من التحفظات منها إعادة النظر في مدة الإنجاز.. فهل هي عبارة عن استشارة مفتوحة أم مناقصة وطنية؟
المتهم: أولا، سيدي الرئيس، أنا غير مسؤول عن منح الصفقات أو المشاريع، بل أنا مسؤول على لجنة الطعون التي تقوم بمراقبة إجراءات المنح وفق دفتر الشروط ودراسة الطعون، وأنا غير مسؤول على المنح، بل المديرين الجهويين.

القاضي: هل أنت رئيس مجلس الإدارة؟
المتهم: لا، أنا مدير عام للصندوق وأنا أحضر الملفات التي يتم إنجازها من طرف لجان مجلس الإدارة.

القاضي: اللجنة المركزية للصفقات العمومية، ما هي وظيفتها..؟
المتهم: تراقب الصفقات بعد إنجازها أولا، وثانيا الصندوق غير معني إلى غاية 2006، بقانون الصفقات العمومية، وبعدها أي في سنة 2009 قمنا بالإجراءات الإدارية لتطبيق قانون الصفقات العمومية وهذا بناء على تعليمة وزارية.

القاضي: بالنسبة لهذا المشروع تم منحه لمقاول بقيمة مالية تقدر بـ186 مليار سنتيم، لكن تم رفض المشروع من طرف لجنة الطعون، ثم تم اللجوء إلى استشارة ليتم منح الصفقة لمقاول آخر بقيمة مالية تقدر بـ187 مليار سنتيم، أي بزيادة تقدر بمليار سنتيم، على أي أساس تم ذلك؟
المتهم: سيدي الرئيس، منح الصفقات والمشاريع من صلاحيات المديريات الجهوية، كما أنني لست برئيس اللجنة المركزية للصفقات.

القاضي: بخصوص مشروع إنجاز مشروع 40 مسكنا ببلدية سيق بولاية معسكر، كيف تفسرون التجاوزات والخروقات التي تم تسجيلها في هذا الإطار؟
المتهم: سيدي الرئيس، أعيد وأكرر أن منح الصفقات والمشاريع من صلاحية المديرين الجهويين، ومدير الصندوق لا يحوز صلاحيات المنح.

القاضي: لكن التأشير على الصفقة تم على مستوى اللجنة المركزية للصفقات؟
المتهم: أنا أوافقك في هذه النقطة، لكن هذا من صلاحية المدير التقني بصفته رئيس اللجنة المركزية للصفقات وأنا “خاطيني”.

القاضي: وماذا عن مشروع إنجاز أشغال التهيئة لـ264 مسكن بولاية مستغانم، وكذا الأشغال المتعلقة بتهيئة مقر المديرية العامة للصندوق بالجزائر العاصمة؟
المتهم: هي كذلك من صلاحيات المديرين الجهويين، وليست من صلاحياتي أنا.. سيدي الرئيس، لم يسبق أن تدخلت في الصفقات أو المشاريع المتعلقة بالصندوق.

القاضي: نعود إلى مسألة توزيع السكنات، لقد تم رفع عدة نقاط من طرف المفتشية العامة للمالية تتعلق باختلالات في عملية التوزيع، ما ردك على ذلك على غرار وجود قائمة أُعدت خارج الأطر والإجراءات القانونية والتي أعدها مجلس إدارة الصندوق؟
المتهم: أنا “خاطيني”.. سيدي الرئيس، كما قلت لكم فإن المديرين الجهويين هم المسؤولون عن ذلك.

القاضي: لماذا لم يتم استدعاء المستفيدين البالغ عددهم 11760، بالرغم من أنهم خضعوا للإجراءات القانونية ويتوفرون على كل الشروط والمقاييس للاستفادة من هذه السكنات، وما هي الإجراءات المتبعة حتى يستفيد المواطن من السكن؟
المتهم: سيدي القاضي، أنا مدير عام للصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الاجتماعية، وليس لي أي حق لمنح السكنات، كما أن مجلس الإدارة هو من يمنح شهادة “التخصيص”، واللجنة الولائية هي من تتكفل بدارسة الملفات.

القاضي: ما هي المعايير المعتمدة وكذا عدد النقاط المعتمد عليها للحصول على السكن؟
المتهم: الحالة العائلية مع عدد الأولاد، والتجربة المهنية، إذ أنه كلما زاولت العمل أكثر كلما زاد عدد النقاط، وكذا الوضعية السكنية.

القاضي: كيف تفسر حصول 11 مستفيدا على درجة أقل من 40 نقطة بالرغم من أن قائمة الملفات المقبولة المتكونة من 11760 ملف تحصلوا جميعا على 80 نقطة أو أكثر؟
المتهم: أنا سيدي الرئيس لا دخل لي في هذه القائمة، بل مجلس إدارة الصندوق هو الذي مرر القائمة.

القاضي: تم انتقاء 11760 مترشح من 88 ألف ملف، واستفاد 3000 مترشح، بالرغم من أنه لم تكن سجلات تتعلق بطلبات السكن والملفات مرفوضة، في حين لم يتم استدعاء أصحاب الملفات من أجل تحيين ملفاتهم، كيف ولماذا؟
المتهم: أولا، عدد السكنات كان محددا بحوالي 2000، وعدد الإنجازات فاق هذا العدد، وهنا مجلس الإدارة هو من يقرر ولست أنا كمدير عام للصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الاجتماعية.

رئيس القطب يثور في وجه المتهم بالقول: “الدولة أعطتكم أموالا بأزيد من 7 آلاف مليار سنتيم، وأصحاب الاتحاد العام للعمال الجزائريين تحصلوا على حصة الأسد في السكنات”، إلا أن المتهم صمت ولم ينطق بحرف.

القاضي: وماذا عن مسألة عدم وجود سجلات طلبات السكن؟
المتهم: بخصوص عدم وجود سجلات تتعلق بطلبات السكن، فبعد البحث في الأرشيف وجدنا وثائق ناقصة في طلبات السكن مدون فيها الطلبات وهي التي تم منحها لموظفي ديوان التسيير العقاري للعمل بها.

مارسنا مهامنا وفقا للصلاحيات المخولة لنا
من جهتهم، أنكر المديرون الجهويون للصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الإجتماعية “أف.أن بوس” المتابعين في ملف الحال كل التهم الموجهة إليهم جملة وتفصيلا، وأجمعوا خلال استجوابهم من طرف هيئة المحكمة على أنهم طبقوا القانون بحذافيره في المشاريع التي منحت لإنجاز السكنات، وأن هذا يدخل في إطار صلاحياتهم في منح المشاريع وفقا للإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون الصفقات العمومية، وفندوا استعمال مبدأ “الأفضلية” في منح المشاريع، وشددوا على أنهم لم يلحقوا أي ضرر لا بالصندوق ولا بخزينة الدولة.
وعلى نفس النهج، سار المقاولون المتابعون في ملف الحال، الذين أوضحوا أنهم تحصلوا على المشاريع وفقا للإجراءات القانونية المعمول بها واحتراما لمراحل الحصول عليها، انطلاقا من إيداع الملفات مرورا بدراستها من طرف اللجان الولائية وصولا إلى الفوز بها.

 

ومن جهته التمس وكيل الجمهورية لدى محكمة القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، الإثنين، تسليط عقوبة 8 سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها مليون دينار جزائري في حق المدير العام السابق للصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الاجتماعية “أف أن بوس” “عثمان. س”، باعتباره المتهم الرئيسي في قضية الحال، مقابل عقوبات تتراوح بين 3 و5 سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية تقدر بـ1 مليون دينار جزائري في حق بقية المتهمين، على شاكلة المديرين الجهويين للصندوق والمقاول “ل” المتابع في ملف الحال، مع مصادرة جميع المحجوزات

مقالات ذات صلة

إغلاق