ثقافات

انتقادات لاذعة طالت التظاهرة دخول ثقافي بأبواب موصدة

انستطيع خلق شيء من العدم؟ نعم! في بعض الاحوال او فيما تعلق ببعض المحاولات والمبادرات الصادقة ليس في تلك التي تريد فقط تغطية العجز الذي هو نتيجة لسياسة متراكمة منذ عشرين سنة. اطلق عليه اسم “الدخول الثقافي” وهو ما يقابله في الدول المتقدمة في اوروبا وبعض الدول العربية بالدخول الادبي، وهو الامر الذي نفتقده في الجزائر، فكيف اذا نتحدث عن دخول ثقافي؟ وهل يمكن أن يكون؟ باي طريقة وشكل؟ وماذا يمكن أن يشمل؟

ليس تشاؤما بقدر ما هو رثاء لحال الثقافة التي لم تجد لها منقذا منذ ان استفحل بها وباء الفشل والفساد والمحسوبية وغياب رؤية واضحة واستراتيجة ثقافية تعكس التنوع الثقافي الذي تزخر به الجزائر.
اذا افتتحت فعاليات الدخول الثقافي بحضور ورعاية معالي وزيرة الثقافة، وهذه اول ملاحظة نقف عندها، فاستاذة الفلسفة مليكة بن دودة لم تستطع الخروج عن سياسة سابقيها، فرغم انها في كل مرة تتحدث عن رؤية جديدة في “جزائر جديدة”، الا ان السياسة ذاتها لا تزال سيدة المشهد، فكيف يمكن للثقافة ان تتحرر وتستقل فعلا وقولا وهي تحت “الرعاية” المعبرة عن قصور رؤية وان كل ثقافة لا تكون تحت الرعاية لا تلزمنا.
ثاني الملاحظات عن الجانب الشكلي، والتي عبرت عنها الصحفية الجزائرية المقيمة بفرنسا، فايزة مصطفى، في انتقادها لصورة الباب الموصدة التي تم اعتمادها للملصق الاعلاني للتظاهرة التي افتتحت بقصر الثقافة، المفارقة اننا نتحدث عن دخول ثقافي والاعلان تضمن بابا مغلقة. فهل يعرف من صمم الملصق معنى القراءة السيميولوجية لما حدث ام انه صمم ما طلب منه ام انها سقطة اخرى.
ثالث هذه الملاحظات، والتي صنعت جدلا كبيرا في مواقع التواصل الاجتماعي، بانتشار صور لملابس عرض مسرحي في معرض للسينوغرافيا تضمنت مشاركة اغلب المسارح الجهوية. الدمى التي عرضها المسرح الوطني محي الدين بشطارزي، هي دمى من العمل المسرحي الذي نال جائزة احسن عرض عربي متكامل للمخرج محمد شرشال، ونحن لا نشكك في عبقرية وجمالية هذا العمل الذي نال الاعجاب دوليا قبل ثم محليا، ولكن العيب ان يتم عرضها بذلك الشكل الغريب العجيب والقبيح حتى سخر الجميع من “دخولهم الثقافي”. المخرج محمد شرشال خرج عن صمته وعبر عن غضبه من ما ناله عرضه الذي اخرج من سياقه، فاي عبث بعد هذا. ويخرج بعدها الفرع النقابي للمسرح الوطني، ليبرر الفعل بان الصورة اخذت قبل الافتتاح!
اما برنامج هذه التظاهرة، لم يكن لابسط غيور على وضع الثقافة في الجزائر، ان يمر دون ان يضع خطوطا حمراء كثيرة تحته، فعبر الخبير في السياسات الثقافية عمار كساب ان مافيا ثقافية جديدة هي الان بصدد التكوين، داعيا الى قطع الطريق على مجموعة تريد السيطرة على قطاع الثقافة مجددا.
ليس عمار كساب وحده من عبر عن غضبه واسفه مما يحدث بهضبة العناصر وبفراغ المحتوى والمضمون الذي جاء به برنامج فعالية هذا الدخول والذي تستطيع اي جمعية ثقافية تنظيمه على حد تعبير الاعلامي والمتتبع للشان الثقافي محمد علاوة حاجي.
هذا وعبر الممثل والمخرج المسرحي لطفي بن سبع عن غضبه من عدم ادراجه في مثل هذه التظاهرة متسائلا عن المعايير التي اعتمدتها الوزارة لاستدعاء أسماء من غيرها.
برنامج الدخول الثقافي مستمر في المكتبة الوطنية وقصر الثقافة وكذا مختلف دور الثقافة والمسارح الى غاية نهاية الأسبوع الاول لشهر اكتوبر الداخل، وفي هذا ايضا ما يقال فالثقافة التي تبقى حبيسة الجدران اثبتت انها ستبقى رهينة البيروقراطية والرعاية ولن تعبر عن امال الجزائريين.
طاوس اكيلال

مقالات ذات صلة

إغلاق