وطني

15 سنة بعد ميثاق المصالحة الوطنية.. حقوقيون: “معرفة حقيقة التسعينيات مرهون بنجاح الحراك المبارك”

تغطية: كنزة خاطو

نظّمت جمعية “أس أو أس مفقودين SOS DISPARUS”، مساء أمس الثلاثاء، ندوة حول قانون المصالحة الوطنية الذي قدمه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وتم إجراء استفتاء عليه في 29 سبتمبر 2005.

افتتحت الندوة التي نُشّطت في مقر الجمعية بعرض فلمين حول المفقودين وأمّهات المفقودين، ليقدّم بعدها الحقوقي والمحامي مصطفى بوشاشي إلى جانب الحقوقي والمحامي عبد الغني بادي مداخلتين بالمناسبة.

وجاءت الندوة بعد وقفة نظّمتها الجمعية رفقة أمّهات المفقودين بالجزائر العاصمة، أجهضتها قوات الأمن، لأسباب يجهلها القائمون على الجمعية.

 

مصطفى بوشاشي: “نجاح الثورة السلمية سيمكّننا من معرفة حقيقة ملف المفقودين”

استهلّ الحقوقي والمحامي مصطفى بوشاشي، مداخلته بالعودة إلى ما حدث في فترة التسعينيات، قائلا إنّه “شيء مؤلم جدا ما تسبب فيه النظام الجزائري عندما ألغى المسار الانتخابي في جانفي سنة 1992”.

واعتبر مصطفى بوشاشي أنّ “ملف المفقودين جزء فقط من هذه مأساة التسعينيات”، مشيرا إلى أنّ “عدد المفقودين في الجزائر إبان تلك الفترة لم يبلغ عدد المفقودين في المنطقة الإفريقية والعربية بما فيها لبنان أيام الحرب الأهلية”.

ويرى الحقوقي أنّ ظاهرة الفقدان في الجزائر جاءت “تطبيقاً لسياسة كل شيء أمني، ولا حوار لا تراجع للوراء، موضّحاً أنّ “النظام الذي خطط لإلغاء المسار الإنتخابي في الجزائر، اعتقل كل شخص له علاقة أو العكس، إذ تمّ اعتقال أطباء في المستشفيات، معلمين وأساتذة في المدارس، وأشخاص في الأسواق الأسبوعية، والكثيرين في منازلهم، ومنذ ذلك اليوم لم يقدموا إلى العدالة ولا يعرف ذويهم ما حدث لهم”.

وعاد المحامي مصطفى بوشاشي إلى ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي قدّمه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، مشيراً إلى أنّ ” عائلات المفقودين والحقوقيين آنذاك لم يسمح لهم في وسائل الإعلام المختلفة بإدلاء رأيهم حول هذا الميثاق”.

وانتقد بوشاشي ميثاق السلم والمصالحة خاصّة المادة 45 منه التي تنصّ على أنّه “لا يجوز لأي كان تقديم شكوى ضد حماة الجمهورية لدى مصالح الأمن المختلفة، حتى لو تمّ التعرف على من قام باختطاف الأشخاص، كما تمنع المادة قضاة الجمهورية من فتح أي تحقيق حول جريمة وقعت في التسعينيات”.

وأضاف بوشاشي أنّ نصّ المادة تشير إلى أنّه “لا يجوز لأي كان الحديث عن المفقودين”، مؤكّدا أنّ “هدف النظام السياسي الذي قام بجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإختطاف، هو طي هذا الملف وأن تنسى الأجيال القادمة الملف”.

وأوضح ذات المتحّدث أنّه “من مبادئ العدالة الإنتقالية في العالم التي أطلق عليها الجزائر ميثاق السلم والمصالحة، المصارحة والبحث عن الحقيقة، أي أن يعترف المسؤولين المدنيين والعسكريين الذين كانوا وراء الانتهاكات الخطيرة وفيما يخصنا قضية المختطفين، بجرائم تلك الفترة”.

وأضاف المحامي بوشاشي أنّ “من شروط العدالة الانتقالية هو جبر الضرر” مشدّدا أنّ ذلك “لا يعني مواثيق المصالحة والسلم، وأنّ ما أًطلق عليه تعويض ضحايا المأساة الوطنية ليس جبر للضرر، بل مساعدات اجتماعية تُقدّمها الدولة للطبقات الهشة”.

وختم الحقوقي مداخلته بالقول إنّ “الحراك المبارك والثورة السلمية التي تهدف إلى التغيير وتكريس دولة سيادة القانون والديمقراطية، هي التي تُمكّننا معرفة حقيقة ما جرى في تلك الفترة”.

عبد الغاني بادي: “ما محلّ هذه القضية في ظل هذه المنظومة التي تدعي أنها منظومة جديدة” ؟!

من جهته، اعتبر الحقوقي والمحامي عبد الغني بادي أنّ “النظام السياسي اجتهد في غلق ملف المفقودين، بتكريس الإفلات من العقاب حمايةً لدوائر أمنية أجمعَ الكثير أنّها وراء الاختطافات”.

وواصل عبد العني بادي بالقول أنّ ” أسلاك أمنية كثيرة تورطت في مأساة التسعينات، بينما اجتهدت نفس منظومة الحكم القائمة حاليا في غلق هذا الملف وحماية المجرمين المتورطين في جميع الانتهاكات التي مورست في تلك الفترة”.

وأضاف بادي قائلا: “بعد سنة ونصف من ثورة سلمية، تدعي اليوم منظومة الحكم أنها لا تنتسب إلى المرحلة البوتفليقية، وتتبرأ منها، في حين الجميع يعرف أن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وأن الإفلات من العقاب حدث بتزكية ومباركة الطبقة السياسية في فترة بوتفليقة، التي اعتبرت أن هذا الميثاق نزل من السماء لإنقاذ الجزائر”.

وتسائل ذات المتحدّث: “ما محلّ هذه القضية في ظل هذه المنظومة التي تدعي أنها منظومة جديدة، هل سمعنا عبد المجيد تبون تكلّم عن ضحايا الإختطاف، هل تكلم أي شخص عن هذا الميثاق”. مواصلاً: ” هناك سلطة اليوم تريد أن تتبرأ من تراكمات بوتفليقة لكنها لا تتحدث عن هذا الميثاق، ضروري أن تجيبنا هذه السلطة”.

وأشار الحقوقي إلى أنّ “جميع الدول التي عرفت آلية العدالة الإنتقالية، شهدت اعترافات وتوضيحات واستماع لعائلات الضحايا وتفاصيل عمليات الاختطاف والتعذيب”، مشدّدا أنّ “الجزائر الدولة الوحيدة من بين الجول التي عرفت حروباً أهلية، التي لم تسمع للضحايا ولم تسأل أي مسؤول سياسي أو عسكري عن مسؤوليته في هذه الجرائم، بل بالعكس سنت قوانين تحميهم وتعاقب كل من يريد أن يفتح هذه الملفات، وهو ما حصل في محمكة غليزان مع عبد الله بن نعوم وخالدي ياسين”.

وختم عبد الغني بادي مداخلته بالقول إنّ “النظام القائم اليوم هو امتداد للمأساة التي حدثت في التسعينيات”، مشدّدا بالقول: ” نضالنا في القضية هو نضال البحث عن ماذا حدث، ويتحقق ذلك بالبحث عن التحول السياسي نحو نظام ديمقراطي تكون فيه الشرعية للشعب والقضاء عادل، حينها يمكننا فتح هذا الملف”.

مقالات ذات صلة

إغلاق