آراء وتحاليل

اِشتقنا لإخواننا…أمين بخة

أخي العزيز أمين. .أيها العصبي الطيب جدا
ربما تجد هذه الرسالة مَمرًّا ضيِّقاً مِن النور نحو عَتمةِ زِنزانتِكَ التي أتخيَّلُها بَشِعةً كالسجون السرية وباردة كملامح الضابط الذي اقتادك إلى المخفر جاهلا بِكُلِّ إيمانٍ مِنِّي أنك العربي بن مهيدي الثاني؛ أشدُّ النَّاس مَقتاً لِفرنسا الخبيثة وأشدهم إخلاصا لِقضية النضال في سبيل الوطن ضد نظام العمالة، أكثر الناس إحسانا للناس وأكثرهم غضبا مِن الظلم وأسرعهم سَعياً في دفعه.

لن أكذب عليك؛ لم أكن أنتظر عودتك حُرَّا إلا بالقليل القليل من الأمل، تَنبَّأتُ مُسبَقاً بالحكم عليك سَجناً إلى غاية ما بعد مرحلة الانتخابات الرئاسية لأن المناضلين الأحرار الأوفياء للقضية أمثالك لا يستطيعون شراءهم فيقومون بِسجنهم. .لكني لم أشك أبدا أن وقاحتهم ستمنحهم جرأة الحكم عليك بثمانية عشر شهرا كاملا قبل أن تتقلص بعد الاستئناف. يومها تلقيت النبأ الملعون في اتصال هاتفي جلست بعده أبكي بِحرقة كما لو أنَّكَ الذي ولدته أمي، فَنحن في النهاية أبناء نفس القضية ونفس المبادئ ونفس الإرادة والإيمان والعصبية أيضا.

يومها كنت وحيدة في بيتي بالعاصمة وكان صوت الفنان “حميد بارودي” يتردد في أذني:
قوليلي يا يَمَّا
لمَّن نحكي هاذ الغمَّة
الجزاير بكات
وفي دموعها قَصات
يومها كنت في حاجة إلى وجود أبي كي ينتشلني من غرقي، فالنضال السياسي يستهلك عواطفنا أيضا وقد بدأتُ أفكر في بقية الإخوة لحظتها، كنتُ أعرف أنهم سيختلقون تهمة لكل واحد منهم، غير أن تُهمتك كانت جاهزة مَنحتَها لهم على طَبقٍ من الأحجار الكريمة وأنت بعصبيتك المُعتادة ثائرٌ ومُندفِعٌ من أجل الإنسان الجزائري الذي جعلوا مستشفياته مقابر جماعية في “عين مليلة” وفي كل مكان.

في غيابك تَجرَّأ عليك الذين لا يتجرَّأون على الوقوف أمام وَقار وَقفَتِكَ وملامحك، ولِوجهِ الوِد الأخوي بيننا هذا ما اِستطعنا في الرد على خصومك والدفاع عن شخصك الإنساني والوطني الذي عرفته في العمل الخيري قبل العمل النضالي.. هذا ما اِستطعنا في الدفاع عنك ضد مَن اغتابك وأكل لحمك حسدا من عند أنفسهم، وهذا ما استطاعوا إلا حقد التبليغ على حساباتي في منصة فايسبوك، لَهم وَهمُ البطولة ولك الحرية والمجد والخلود. .اِشتقنا إليك ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان والنضال والتضحية.

قلم: فايزة سعد لعمامري

مقالات ذات صلة

إغلاق