ثقافات

كان صعلوكا.. هكذا يمكن أن نختصر السيرة الذاتية للشاب عز الدين

كان صعلوكاً.. هكذا يمكن أن نختصر سيرة الشّاب عز الدين. لم يكن يقرّ بسلطة والٍ ولا رئيس حكومة. كان خارج التّصنيفات، يغني كي يسعد النّاس وحين يغضب لا يستثني أحداً من الهجاء.

في هذه الأيّام، بينما تشتدّ المعارضة ضدّ ترشّح الرّئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى عهدة خامسة، ويُسارع البعض إلى التّذكير بمساوئ حكمه، لا ننسى أن عز الدّين (اسمه الحقيقي عابد بنعودة) كان أول مغنٍ عارض بوتفليقة، وذلك عام 2007، حيث أصدر أغنية “شوف يا بوتفليقة شوف”، والتي تضمّنت محاكمة أخلاقية للرّئيس، ودعوة له لتحمّل مسؤوليته أمام الظّلم الذي توسّع والفساد الذي قفز فوق القانون.

قال عزّ الدين في تلك الأغنية، التي سبّبت لها متاعب كثيرة: “يدّولنا في رزقنا.. والقانون يشوف.. يبكولنا في أولادنا والقاضي ضدنا.. شوف يا بوتفليقة شوف..”. بسبب تلك الأغنية، اتّهمت محكمة الشّلف المغني بالقذف والسبّ. حُكم عليه بخمسة أشهر سجناً، مع غرامة مالية على منتج الأغنية.

كان يمكن لهذه الواقعة أن تغيّر من مسار عز الدين، ويراجع نفسه، ويتجنّب المواجهات السّياسية في أغانيه، لكنه آثر حياة صعلكة على الخضوع، رفض المشاركة في جولة فنيّة للتّرويج لانتخابات تشريعية، وبات ممنوعاً من حضور أو المشاركة في مهرجانات الصّيف. كان النّاس يستمعون إلى عز الدين في بيوتهم وفي السّهرات العائلية، ولا يجدون له أثراً في الحياة العامة، التي كانت تعجّ بمغنين من نوعية كادير الجابوني، أولئك الذين يغنون الرّاي إرضاء للنّفوس المحافظة، وليس خدمة للفنّ.

إن تذكّر الشّاب عزّ الدين يحيلنا إلى تذكّر صعلوك آخر، لا يقل قيمة عنه، وهو الشّيخ محمد بلخياطي، آخر كبار شعراء الملحون، حفيد مصطفى بن براهيم، والذي كان يكتب له كلمات أغانيه (“خيرة”، “واش أداني للغربة” وغيرها)، وقد تعلّم عزّ الدين من بلخياطي (الاثنان من الشلف) أشياء كثيرة؛ أهمّها الغناء والصّدامية وحبّ النّساء. بلخياطي، الذي اقتبس منه دحمان الحراشي أغنية “خلو الطّريق لمريم”، تزوّج 17 امرأة، وعزّ الدين كان لا يستقر مع امرأة حتى يفكّر في أخرى، وكلّ تجربة كانت تنتج عنها أغنية أو أغنيات.

رحل الصعلوك، وترك لنا تسجيلات تكفي أجيالاً للتلذذ بسماع الرّاي العروبي، في صخبه ونضجه.

بقلم سعيد خطيبي

مقال نشر على موقع نفحة

مقالات ذات صلة

إغلاق