آراء وتحاليلبذور الأمل

خطيأتنا مع المعاقين

 

في أحد الجلسات المشرفة جدا لصفوت المجتمع، في المكان الذي يسمى مجلسا شعبيا وطنيا، قام أحد النواب المهذبين جدا و هو طليبة بمدح زميله و هو بن خلاف بصفت المعوق. في الحقيقة، استحيت أن أقول أنه في مكانٍ كان من المفروض أن يجمع زبدة المجتمع لتمثيل الشعب و تشريع قوانين الدولة يقوم نائب بنعت زميل له بالمعوق، ليس لأن له إعاقة جسدية، بل قصد شتمه و سبه.

مشكل كبير! لو كنا في مجلس يحترم نفسه، وأمام نواب يحترمون أنفسهم، لقامت الدنيا  ولم تقعد لأن أحد منهم قام بشتم اَخرباسم بفئة واسعة من المجتمع ربما الكثير منهم صوتوا عليه – و هذا أمرنظري في المجتمعات التي تصوت طبعا- هذه الفئة  تستحق كل الدعم و كل العناء من أجل تشريع الكثير من القوانين الكفيلة بتظيم حياة ملائمة لهم، و ليس لتكون حالتهم الجسدية وصف شتم.

هذا التجاوز اللفظي خطير جدا لأنه يعبر عن جهل أكبر بمعاناة الملايين من الجزائرين و أهاليهم في رحلة العناء و الشقاء التي يمكن تلخيصها في:

1-الوصم: في الجزائر، مازال يسمى المعاقين بذوي الاحتياجات الخاصة، مصطلح يرفضونه لما له من إساءة و تقليل من الشأن، و خصوصا كون أهم شيء عند المعوقين هو تقبل الإعاقة و بالتحديد لمن أصيبوا بها جراء حوادث و لم يلدوا بها، و تقبل الإعاقة يمكن أن يكون أول دافع للعيش. لا يقف الوصم هنا، فقد أصبحت الإعاقة و أنواع الإعاقات عبارة عن شتائم يضحك عليها حتى النواب، أمر محزن!!

2- التجاهل:  كل شيء في الجزائر مهيأ – لو صح استعمال هذه الكلمة طبعا- و كأن المعاقين غير موجودين تماما، في المدارس و الجامعات، في الأرصفة، في أماكن صف السيارات، في البنايات، في وسائل النقل، في أماكن الترفيه و حتى في المستشفيات لم يحسب لهم أي حساب و كأنهم مطالبين بالاختفاء من حياتنا و كأن و جودهم عيب يجب إخفاؤه، أو أنهم عالة على المجتمع.

3- الرعاية و التكفل و الدعم: يجب أن نعلم أنه إذا كان هناك أكثر من 2 مليون جزائري معاق، فإن هناك أكثر من 2 مليون عائلة جزائرية تعاني و هي تحتاج إلى الدعم المادي و المعنوي لتخفيف الظروف القاسية. في غياب تكفل متخصص، يقوم الكثير من الأهل بترك عملهم و حياتهم الاجتماعية للرعاية بأبنائهم. في حالة الإعاقات الثقيلة، الكثير من الأهل يصابون بأمراض نفسية أمام عدم قدرتهم تخفيف عناء فلذات أكبادهم أو الآباء في حالة إصابة الأهل .

4- التعليم و العمل: في غياب أماكن مخصصة للمعاقين، في غياب مدارس خاصة، في غياب تهيئة ملائمة لهم، في غياب أساتذة مكونين للتعامل مع هذه الفئة،  الكثير من المعاقين بمختلف أنواع الإعاقة محرومين من التعليم. و في جانب آخر و رغم إلزام القانون المؤسسات بتوظيف نسبة معينة من المعاقين مقابل الحصول على نسبة إشتراك مخفف في الضمان الاجتماعي، إلا أنه لا توجد أية رقابة ناجعة للتدقيق إذا كان القانون محترم.

5- اختصار المطالبة بحقوق المعاق في بعض الجمعيات: إذا حدث ما حدث في المجلس الشعبي الوطني فلأن السياسيين – أيضا نعتذر لتسميتهم هكذا- غير معنيين بتاتا بهذه الفئة من المجتمع، و يتم تذكرهم مرة في شهر مارس لتبث صور في نشرات الأخبار، بينما العمل الأكبر تعنى به الجمعيات التي غالبا ما تحاول التخفيف من نتائج الإعاقة بينما كان بمقدورالسياسي و المشرع أن يقلل من أسباب الإعاقة، و تحسين ظروف عيش هؤلاء الجزائريين.

حياة صعبة يعيشها المعاق، لكن، بإمكتننا بكل سهولة التقليل من حدة هذه الظروف. علينا أولا أن ندرك أن  أكثر من 2 مليون هي فئة واسعة علينا أن نحولها لقوة منتجة. علينا بتعليمها أحسن تعليم و توجيهها إلى ميدان العمل الذي يلائمها أكثر. طبعا، لا يمكن تحقيق هذا دون تهيئة البيئة لتنقل أفضل لهم. على كل المواطنين تحسين التعامل مع المعاقين و تفادي العبارات الخادشة. على السياسي أن ينتج سياسات تسهل حياة المعاق و تحوله إلى مواطن ذا حقوق وواجبات. المعاقون مواطنون يستحقون جمعتهم من السعادة، فعلينا أن نعمل جميعا من أجل الوصول إليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق