آراء وتحاليلالأرشيف

الأمازيغية ..الحلول موجودة!

من كان يتوقع أن مبادرة من نائب برلماني من حزب العمال، يإدراج مادة قانونية تنص على إجبارية تعليم اللغة الأمازيغية خلال النقاش حول القانون المالية لسنة 2018 و الرد السلبي على المقترح من طرف أحزاب الموالاة كجبهة التحرير الوطني و التجمع الوطني الديمقراطي ،أن  يساهم في تصاعد الحراك الشعبي من دون  سابق إنذار.

هذا الحراك جاء في توقيت سياسي عادة ما يشهد تصعيد في المطالبة بالشفافية في الانتخابات و الحديث عن حجم التزوير في المحليات ،تليها مرحلة إسترخاء سياسي عند السلطة و الأحزاب بعد انتهاء مرحلة الأقتراع .

ردة الفعل تجاه الأحداث الجارية اليوم في منطقة القبائل و تحذير من خطورة الانزلاق و التشكيك في الأجندات السياسية لم تصدر من الدوائر الرسمية التي في العادة تتعاطي مع كل مطلب هواياتي-حقوقي بتفسيرات تآمريه و باللغة خشبية ،قد تزيد من التصعيد و التوتر على مستوى الشارع ،بدل الاحتواء و اللغة التعقل لكن حتى الأحزاب التقليدية التي لديها قاعدة اجتماعية في المنطقة كجبهة القوى الاشتراكية و التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية. دعت الى التحلي بالحذر و التزام الهدوء و عدم الاستجابة للاستفزازات، لكن دون تسمية الفاعلين الأساسيين في مجريات الأحداث.

في مقابل ذلك  وجهت السيدة لويزة حنون رئيسة حزب العمال في تصريح لها  أصابع الإتهام إلى حركة الماك حيث ذكرت أن الماك يحاول استغلال المظاهرات الأخيرة، و ركوب الموجة كما حملت المسؤولية لأحزاب السلطة برفضهم تعديل ترقية اللغة الأمازيغية ،من أجل اجبارية التعليم على كامل التراب الوطني.

لكن هل يعقل أن يطرح هذا النص خلال جلسة نقاش حول قانون المالية؟ و لماذا يأتي اقتراح من مكون لا تشكل الأمازيغية مرجعية و لا قاعدة نضالية له ؟ لماذا لم يتم التنسيق مع بعض التوجهات السياسية التي لها وعاء إنتخابي في المنطقة وأرضية نضالية ؟ و ضمن هذا المنوال تبقى الضبابية في المشهد العام و إتساع رقعة الإحتجاج خارج الدوائر المعروفة ب ضالاتها مثل مدينة تيزي وزو التي تبقى الأوضاع هادئة نسبيا هناك إلى ولاية بجاية ، البويرة ولاية باتنة بل الحلقات الحراك في توسع لتضم قرى و دوائر صغيرة في مناطق الأوراس .

بالتالي السؤال الجوهري اليوم هو بعد 40 سنة تقريبا لا يزال المطلب الأمازيغي يجذب إهتمام الشارع و يشكل نقطة توتر في العلاقات السياسية الداخلية، لكن هذه المرة في وضع داخلي سياسيا غير متوازن مع تصاعد الحركات الانفصالية  العرقية التي تجعل الهوية، و عدم توزيع العادل للثروة أرضية لمطالبها .مع وضع إقليمي يتجاوز مفهوم الأمن القومي و الحدود المركزية التقليدية كما لا توجد على الأقل رؤية في التعامل مع الأحداث، وفق تصور شامل كامل يعالج المسائل وفق مراجعات  سياسية لفشل مركزية الدولة ،و الإقرار بالبعد الهوياتي المتعدد على المستوى الشعبي و الرسمي خارج الفلكلورية. و الإبتعاد عن المعالجة الامنية-البوليسية عبر الإحتواء و الإختراق أو استخدام القوة التي أبانت عن محدودية نتائجها.

ففي هذا الصدد  النقاش اليوم بات ضروري في محدودية الدولة  المركزية لابد من إيجاد أطر و فضاءات إدارية مستحدثة يكون فيه التمثيل الجماهيري المتعلم و المدرك جيدا لرفع التحديات الراهنة و المستقبلية، فالأمر ليس خطيرا كما تروجه بعض الأطراف، فقط نحتاج الى إعادة هرمية السلطة من وضعها العمودي البطرقي الى الأسس الأفقية التمثيلية.

لقد أنتج الربيع الأمازيغي 1980 اطارات سياسية شكلت المسألة الهوية البعد المطلبي الديمقراطي و الحقوقي اليوم جيل أخر يحمل الرهان اللغوي و الثقافي وفق رؤية مغايرة تماما لا بد من الوصول الى تشكيل مجتمع متجانس، بما يحتوي من المتعدد داخل كيانه المجتمعي والبنية الثقافية والإمتداد التاريخي بل إن المجتمع المتفكك التي تأطره الدولة الشمولية بأحادية اللغة و الدين و الحزب تنهار اليوم كأوراق كرتونية .

إن الهوية الأمازيغية لا تحمل الدلالات العنفية في خطابها و لا الانفصالية بمفهوم المركزية العقائدية أو الطائفة المنصورة ،بل هي تعبير وجداني عن الذات و الإرتباط الوثيق بالأرض . إن السجال و الإحتقان الحاصل على مواقع التواصل الاجتماعي حول المسائل الهوياتية و الفعل و ردة الفعل هي ظواهر صحية في التعاطي مع الشأن العام، فهو فضاء يتناول الحدث خارج الأطر التقليدية النضالية كالمناشير أو على أعمدة الصحافة الحزبية ، التفاعل الإيجابي رغما ما نلاحظه من تصادم الأفكار و تعدد الرؤى أكيد يعبر عن حركية ثقافية و اجتماعية على السلطة ستيعاب هذا التطور المجتمعي و أن الاستقرار الأمني أصبح مرتبط ايضا بالاعتراف بالأخر سياسيا و ثقافيا ، إن التحديات في زمن العولمة تتجاوز كثير من المفاهيم المتداولة على المستوى الخطاب الرسمي أو القوى المحافظة التي كرست التجارة بالمفاهيم الوطنية في حدود إمتيازاتها المادية و المسؤولياتية .

لشموط عمار

مقالات ذات صلة

إغلاق