الأرشيفثقافات

بين المعرب والمفرنس..قراءة للتناول “السطحي” لأمين الزواي

أدلى الروائي أمين الزاوي لجريدة الشروق اليومي بتصريح  قال فيه بأن القارىء باللغة الفرنسية أكثر ذكاء و تسامح من القارىء المعرب. وكما كان متوقعا  أحدث هذا التصريح المباشر  ردود فعل كبيرة متشجنة،بعضها رافض لمضمون التصريح في حين وافقه البعض الآخر من زوايا معينة.
نقف أمام هذا التقييم ونحاول فهم الخلفيات التي تجعل من كاتب يكتب  باللغتين يصدر حكما  شاملا و تقييما  عاما، لا يستجيب في الغالب لأي معطى إحصائي سواء رسمي أو حتى غير رسمي، من الجيد أن نذكر بأن أمين الزواي يتلقى جملة من الانتقادات خارج السياقات الأدبية و الفنية  عند صدور كل عمل روائي جديد له .
انتقادات تتناول في الأغلب الإفراط في استخدام الجنس ، اللواط ،زنا المحارم  عند شخوص رواياته ،و هي في الغالب إسقاطات دينية وأخلاقية لعمل روائي أدبي يقول بشأنه صاحب السماء الثامنة أنه “يعكس المكبوث و الممنوع في المجتمع” ،وهي أمور  حقيقية تحدث  داخل التركيبة و البنية الاجتماعية ،على الكاتب أن يتناول الحدث بزوايا أخرى تعالج الطابوهات .
أما تصريح الزواي  الأخير فيمكن وصفه  “بالعنف الفكري” ،لأن عدم مراعاة الحساسيات المكانية التي تنتشر فيها العربية تاريخيا و انثروبولوجيا في مقابل وصف القارئ المفرنس  بالأكثر ذكاء و تسامحا يعتبر عنفا فكريا، فطبوغرافية إنتشار اللغة الفرنسية محدودة جغرافيا في المدن الكبرى كالعاصمة ، وهران ، عنابة، تلمسان ، تيزي وزو و بجاية.
في الحقيقة أمين الزاوي يعيد صراع كان يشغل الحقل السياسي و هو صراع مؤدلج و ماضوي ، كان ورقة سياسية و آلية في تحطيم الخصوم السياسيين و البحث عن مراكز داخل الدولة ،عبر ولاءات معينة تتم عبر التصنيفات اللغوية و الأيديلوجية، فالمعرب أقرب الى الوطنية و المفرنس جزء من رواسب الكولونيالية،فهكذا كان يتم تصنيف الأشخاص في سرايا الحكم ،قصد التموقع في السلطة أو المسؤولية ،انتقل هذ المعتقد الى الحقل الثقافي حينما خرج المثقف من رحم الحزب الواحد و رغم الابتعاد الشكلي عن التحزبـ، لتزال المرجعيات الفكرية الحزبية مصدر التفكير اللاشعوري لكثير من مثقفي سنوات الثمنينات والعشرية.
ففي غياب نص أدبي جميل يبحث الكاتب عن التموقع خارج السياق المعرفي و الأكاديمي النقدي ويبحث عن المناضل والمتعاطف، بدل القارىء وهذا عبر استقطاب الجماهير المؤدلجة.
وعلى عكس الزواري  فتح  الحديث عن اللغة الفرنسية  في أعمال كمال دَاوُد مثلا نقاشا حول ما بعد الكالونانية ،حيث يعيد طرح إشكالية” ما هو مقام هذه اللغة ضمن البنية الاجتماعية و الفكرية للمجتمع ؟”  الذي ورث لغة شكلت عامل نهوض وعي حركي ووطني ثوري (في حال إستندنا لمسارات مفجري الثورة وأصحاب التوجه الاستقلالي) ، فهل هي  (اللغة الفرنسية)  موروث إيجابي أم سلبي؟ فيما يبتعد الزاوي عن هذا الطرح الأكثر عمقا و يختزل اللغة في نوعية السلوك و نمط التفكير.
لكن الاشكالية الأهم في هذا الطرح هو كيف ينظر المثقف إلى نفسه و إلى المجتمع . شخصيا أعتقد أن هناك  قطيعة وطبقية شكلها المثقف حول نفسه، كرأس مال رمزي معرفي في مقابل الرأس المال المادي ، فالمثقف له خصوصية و مكانة خارج الأُطر الجماهيرية خاصة في تحالفه مع السلطة السياسية ،كما أن الدوائر السلطوية تبحث عن صوت المثقف في تبرير بعض الممارسات القمعية أو اللاّديمقراطية في مقابل إعطاءه مساحات الحرية و هوامش الكتابة، مقابل تصدير صورة حسنة عن السلطة السياسية التي تحترم الحريات شكليا. لذلك المثقف العربي غالبا لا يشترك في النضالات الجماهرية المطالبة بالحرية والحقوق الديمقراطية فهي تشكل أولا تهديد لأرستقراطيته  الثقافية.
يقول عمرو عثمان استاذ في قسم العلوم الانسانية جامعة قطر:
يخشى المثقف العربي الانتخابات  على أساس شكه في مستوى رشاد تلك الجماهير جاهزيتها لممارسة الديمقراطية، المثقف العربي بشكل عام يؤمنون بخصوصية وضعه في المجتمع ، هي الخصوصية التي تبرر لديهم فرض وصايتهم الفكرية على الشعب.
لشموت عمار

مقالات ذات صلة

إغلاق