ثقافات

قنديل البحر … عندما يجسد الخيال واقع العنف ضد المرأة


“قنديل البحر” فيلم قصير جزائري يعالج قضية العنف ضد المرأة بطريقة جريئة ،سواء من الناحية الإبداعية حيث اعتمد المخرج على نوع الفانتازيا فلا الزمان و لا المكان محدد في هذا الفيلم الذي تدور أحداثه في بلدة من وحي المخرج ، كما أنه اعتمد على الخيال و الاسطورة في تجسيد قصة امرأة تعرضت للعنف من طرف مجموعة رجال .

تبدأ أحداث القصة عندما تقرر نفيسة بطلة الفيلم قضاء يوم على الشاطئ برفقة أبنائها ، أمها و زوجها الدي أوصلهم إلى شاطىء البحر و ذهب مسرعا لعمله واعدا نفسية بالعودة مبكرا و لكنه لم يعد ، هنا قررت نفيسة النزول إلى السباحة بعد أن أغرت جسدها نسمات البحر اللطيفة و نغمات أمواجه التي كانت تراقص فستانها الخفيف الذي يغطي جسدها المفعم بالحياة و الأنوثة ، ليركز المخرج في مشهد على جمال جسد نفيسة بطريقة تلقائية و هو يلاعب ماء البحر، فتارة تغطس إلى أعماقه و تارة تصعد إلى السطح لتلامس أشعة الشمس تفاصيل وجهها و برقة عينيها التي كانت تروي للبحر تساؤلاتها الدفينة ، في مشهد رائع يقص علينا أحاديث صامتة بين جسد نفيسة و البحر مصورا لنا امرأة لديها الكثير من الأحلام والآلام لا يمكن أن يفهمها سوى البحر ، لكن روعة المشهد لم تدم طويلا حيث قاطع نفيسة مجموعة من الشباب المتوحش الذي استغرب من وجود غنيمة جميلة تسبح بهذه الجرأة فبدؤوا بمعاكستها، حاولت نفيسة الهرب لكنها لم تستطع فقد كان عددهم كبير و توحشهم أكبر ، قاومت و صرخت و لكن لا أحد سمع صراخها ، اغتصبت نفيسة و عنفت ثم رميت في البحر لتقضي جثتها ليلة كاملة في أعماقه ، يعود الزوج و تأتي الشرطة للبحث عن نفيسة لكن لا جدوى و لا أثر لجسدها ،في الصباح تصعد إلى السطح للانتقام من مغتصبيها بعد أن حولها العنف إلى كائن قاتل… تحولت نفيسة إلى ” قنديل بحر ” .
أصبحت مكروهة من الجميع وأثارت سخط السكان و الكل ينتظر القضاء عليها فهي المسؤولة و الملامة عن الرعب الذي يعم البلدة ، تقتل الشرطة نفيسة ” قنديلة البحر ” بالتعاون مع زوجها و تتوقف سلسلة الرعب ، الجميع مطمئن و الإعلام ينشر الخبر المبهج و سكان القرية فرحون رجالا و نساءا بقتل قنديل البحر فهي ” تستاهل ” على حسبهم …. و لكن لا أحد تساءل ماذا حدث لنفيسة ؟
عبرت نهاية الفلم عن ظلم المجتمع للمرأة و إلباسها ثوب الجاني رغم كل ما تتعرض له من عنف و تحرشات يومية ، كما أن الفيلم صور عنف و ذكورية المجتمع من خلال المشهد الاول في طريقة تعامل الزوج مع نفيسة ، وفي مشهد الاغتصاب حيث تجلت النظرة الفوقية و التسلطية في ألفاظ الشباب و عنفهم مع الضحية .
خرج ” قنديل البحر ” سنة 2016 و كتب من طرف المخرج الجزائري داميان أونويه و الممثلة عديلة بن ديمراد التي أدت دور البطولة كما شاركها كل من الممثل نبيل عسلي ، سعاد سبكي ، عزيز بوكروني وأخرون ، مدته 38 دقيقة فهو يصنف في خانة الأفلام القصيرة ، صورت مشاهده بين مدينة شرشال وتيبازة ، كما أنه تحصل على عدة جوائز في العديد من المهرجانات العربية و الدولية .

بقلم سميرة دحري

مقالات ذات صلة

إغلاق