ثقافات

الأدب الإسكندنافي .. باللغة الأمازيغية

تعتبر الترجمة أحد أهم روابط التواصل بين اللغات، وأحد أبرز روافد التبادل الثقافي والحضاري منذ القدم، فلقد ساهمت الترجمة في التعريف بعديد الأعمال الأدبية أو العلمية وانتشارها عالميا وبكل اللغات، مما جعلها عملا بحثيا لغويا من جهة، وإشهارا لثقافة ولغة الكاتب المترجم له، خاصة حين تكون لغته غير معروفة أو من بين اللغات التي يتهددها شبح الزوال، مما جعل الترجمة تعيد الحياة للكثير منها وتفتح لها أبواب واسعة ليكتشفها العالم.

اللغة الأمازيغية كغيرها من لغات العالم كان لها حظ من أعمال الترجمة، ولو كانت قليلة، سواء كانت الترجمة منها أو إليها، غالبية العاملين في ميدان ترجمة الأمازيغية يركزون على الترجمة الأدبية وذلك راجع لأن الأدب شعرا ونثرا هو أهم تجليات الإنتاج باللغة الأمازيغية، فالكثير من الأعمال تظهر هنا وهناك لترجمات للشعر الأمازيغي ومحاولة جمعه وكان ذلك في البداية باللغة الفرنسية كما حدث مع مولود معمري وترجمته لقصائد الشاعر سي محند أومحند، ثم اطلع الناس عن محاولات لترجمة الأدب الأمازيغي للغة العربية خاصة في السنوات الأخيرة ودخول اللغة الأمازيغية للمناهج التربوية والمنصات الإعلامية مما جعلها قريبة للمتلقي عكس ما كانت عليه سابقا، فمهمة الترجمة هي التعريف بكنوز أدبية يجهلها الكثيرون لجهلهم باللغة أيضا.
حمزة عماروش، مترجم جزائري قاطن في فنلندا، يعتبر نقطة مضيئة، إذ يقوم بشيء مختلف ومميز، لم يسبقه إليه غيره، ترجمة أعمال أدبية لكتّاب من الدول الإسكندنافية إلى اللغة الأمازيغية، إنه يفتح أفقا مجهولا بالنسبة للجزائريين، فالأدب الإسكندنافي ورغم ثراءه فإنه يظل غريبا عنا، كما أن ترجمته لتلك الأعمال يجعل شعوبا أخرى تكتشف اللغة الأمازيغية وتتشكل بذلك أولى خطوات التواصل الحضاري بين الثقافتين.

على موقعه الرسمي، نشر الأديب الفنلندي “ايبو كوسكيلا” خبر ترجمة روايته المصورة “همسات الشيطان” من اللغة الفنلندية إلى اللغة الأمازيغية، وسيكون الكتاب حاضرا في المهرجان الدولي للشريط المرسوم، يصدر الكتاب يوم 3 أكتوبر عن منشورات أوكسجين بالجزائر،هذا العمل سيكون تواصلا لما يقوم به حمزة عماروش الذي وقّع عقد اتفاق مع معهد التبادل الأدبي بهلسنكي ، وهو جزء من مشروع المترجم الشاب الذي يسعى لترقية اللغة الأمازيغية وتعريفها في مناخات أدبية تجهل أي معلومة عنها، دار النشر التي يتعامل معها رسمت هدفا بأن تكون اللغة الأمازيغية حاضرة بأعمال مترجمة بكل الدول الإسكندنافية مع مطلع عام 2019.

بداية طريق حمزة عماروش مع الأدب الفنلندي كان قبل ثلاث سنوات، بعد لقائه بالكاتب “ايبو كوسكيلا” على هامش مهرجان الشريط المرسوم بفنلندا، أين بدأ التعاون بينهما، وكانت أولى نتائج التعاون ترجمة لروايته المصورة” سفينة الشمال الشراعية” إلى اللغة الأمازيغية، لتكون بذلك أول عملي أدبي يترجم للغة الأمازيغية من لغة أهل الشمال البارد، تطور مهم جدا في طريق التعريف بالأدب والثقافة الأمازيغية.

إضافة للقصص المصورة باللغة الفنلندية، ستصدر لحمزة عماروش ترجمة من اللغة السويدية إلى الأمازيغية لمجموعة قصائد للشاعر السويدي “توماس ترانسترومر”، العمل كان نتاج تعاون مع أحد المعاهد الثقافية في ستوكهولم، ويعتبر “ترانسترومر” أحد أهم الشعراء السويديين المعاصرين، وحائز على جائزة نوبل للآداب عام 2011 ، فلذلك فإن ترجمة أعماله للأمازيغية قفزة نوعية، وعمل جبّار يقوم به حمزة عماروش الذي سبق له ترجمة وكتابة مؤلفات بعديد اللغات، لكنه اختار لنفسه طريقا بدأه الكثير المخلصين قبله، التعريف بلغته الأم وإيصال صوت هويته وثقافته لأبعد مكان يمكن أن تصل الكلمة إليه.

مقالات ذات صلة

إغلاق