مجتمع

خبز الحامضة.. عريس المائدة الشلفية في رمضان

يخوض مواطنون يوميا في ولاية الشلف خلال شهر رمضان رحلة البحث عن خبز الشعير المعروف باسم “الحامضة” محليا وهو من أنواع الخبز التقليدي التي تزين مائدة الإفطار, خاصة مع كثرة الطلب عليها و تراجع عدد المختصين في تحضيرها.

فعلى حواف الطرقات المؤدية لعدد من القرى و المناطق النائية بالشلف و قبيل الإفطار بساعتين على الأكثر, تعرف هذه المناطق الهادئة حركية غير عادية بسبب الإقبال الملحوظ لمواطنين من مختلف ربوع الولاية بحثا عن خبز الحامضة الذي تشتهر عائلات هذه المناطق بتحضيره.

وقال مواطن من بلدية وادي الفضة يدعى عبد القادر مشروب, لوأج, أن مائدة الإفطار في شهر رمضان لا يمكن أن تخلو من خبز الحامضة الذي يعد مكونا أساسيا شأنه شأن “حريرة المرمز” و “البوراك”, وتفضله الكثير من العائلان عن خبز المحلات لأنه يحضر بمواد طبيعية و بطرق تقليدية بعيدة عن المضافات الكيميائية غير الصحية.

ويتنقل عبد القادر رفقة شقيقه بسيارته يوميا إلى بعض القرى بإقليم بلدية الكريمية (جنوب شرق الشلف) بحثا عن خبز الشعير التقليدي الذي لا تزال بعض العائلات تتفنن في تحضيره, حيث تعرض على المستهلكين “الحامضة العادية” و “الحامضة” المحشية ببعض التوابل و الخضر وفقا لرغبات و طلبات الزبائن.

وأكد نفس المواطن أن رحلة البحث عن خبز الحامضة تتعدى تلبية حاجات غذائية, بل هي تحاكي فترات من العصر القديم كان فيها الأسلاف يصنعون أسمى مظاهر التكافل الإجتماعي و التضامن خلال شهر رمضان من خلال إعداد وتوزيع هذا الخبز التقليدي على المحتاجين وعابري السبيل.

وعند مدخل سوق الخضر و الفواكه بحي بن سونة, ينتشر عدد من الباعة القادمين من مناطق ريفية مجاورة مشكلين معرضا مفتوحا لأنواع الخبز التقليدي يتقدمها خبز الشعير بمختلف الأحجام و الأنواع, ويبلغ سعر “الحامضة” الواحدة 50 دج ويصل سعرها الى 120 دج عندما يضاف إليها مكونات أخرى.

من جانبه, قال حميد, أحد باعة الخبز التقليدي بالسوق, أنه يسعى لتوفير الطلبيات المتزايدة على خبز الشعير خلال شهر الصيام, و ينقل رغبات المستهلكين لوالدته التي تعكف يوميا على تحضيره وإدخال عليها بعض المكونات الجديدة كالشحم, الثوم, الزبدة, البصل, الفلفل الحار و التوابل.

دورات تكوينية للحفاظ على صناعة خبز الحامضة

يشهد نشاط خبز الشعير التقليدي خلال السنوات الأخيرة تراجعا ملحوظا بالمقارنة مع أنواع الخبز التقليدي الأخرى على غرار “المطلوع” و “المشوط” و “السوري”, بسبب ارتفاع أسعار الشعير و نقص العائلات المتخصصة في تحضيره.

وللحفاظ على هذا التخصص من الطبخ التقليدي المرتبط بعادات و تقاليد ضاربة في عمق المجتمع بالشلف, تسعى الغرفة الولائية للصناعة التقليدية والحرف بالتنسيق مع عدد من الجمعيات لإطلاق دورات تكوينية في مجال إعداد “الحامضة”.

وقال مدير الغرفة, سيد أحمد زناقي, في تصريح لوأج, أن مصالحه على استعداد للتنسيق مع جميع الحرفيات اللاتي تتقن تحضير خبز الشعير لتلقينه لمختلف الراغبين في ولوج هذا النشاط الذي يعرف انتعاشا ملحوظا في ظل تزايد الطلب وانتشار ثقافة استهلاكه لدى سكان الولاية.

من جانبها, سجلت خيرة بربري, مختصة في تحضير الأطباق التقليدية, أن شهر رمضان بالخصوص يشهد ارتفاعا في الطلب على خبز “الحامضة” الذي يحضر دون إضافات كيميائية, و كذا في ظل تغير العادات الاستهلاكية للمواطن و تحولها نحو المواد الغذائية الطبيعية وعيا منهم بمنافعها الصحية.

ويتم تحضير هذا الخبز التقليدي من خميرة طبيعية أساسها كمية من دقيق الشعير و الماء و الملح , تترك لمدة 24 ساعة حتى تتخمر و تصل إلى درجة الحموضة, ما يعطي نكهة خاصة لهذا الخبز التقليدي يرجع إليها اسم “الحامضة”.

وبعد تحضير الخميرة الطبيعية, في اليوم الموالي, يضاف إليها كمية من دقيق الشعير و الماء و الملح و مسحوق بذور البسباس, لتخلط جميع المكونات حتى يتجانس الخليط و يترك لساعات أخرى ليرتاح ثم يطهى في الفرن التقليدي أو المعاصر, ليصبح خبز “الحامضة” جاهزا للأكل.

عن: وأج

مقالات ذات صلة

إغلاق