الأرشيف

ثقافة الاختلاف عند الجزائري

من حق كل إنسان أن يؤمن بما هو مقتنع به من الأفكار ومن حقه أيضا أن يرفض ما لا يناسبه منها. ولكن في نفس الوقت واجب عليه أن يحترم الرأي و الحريات الفردية للآخر. لعل من أهم الظواهر السلبية في مجتمعنا المونولوجية، أي أحادية الفكر ورفض الآخر المختلف بمنطق من ليس معي فهو ضدي. ما يؤدي إلي فشل العلاقات الإنسانية و انتشار ثقافة الإقصاء والكراهية.فهل الجزائري عنصري؟ لما ثقافات: الاختلاف، التسامح والتعايش غائبة عن مجتمعنا. لعل من أهم العوامل التي غيبت ثقافة الاختلاف في المجتمع، سياسة النظام التي ينتهجها في المدرسة الجزائرية. فتربية الطفل منذ الصغر علي فكرة المجتمع المتجانس، ذو اللون الواحد، العرق الواحد، اللغة الواحدة و الدين الواحد يجعل منه فردا أحادي الفكر، متعصب، ورافض لتواجد التعددية الفكرية، وحاقد علي الآخر المختلف الذي يشاركه نفس الوطن. مظاهر رفض الآخر متجلية بوضوح في مجتمعنا،وهي كثيرة وتبدأ من داخل الأسرة أين تكرس الهيمنة الذكورية علي المرأة، الذي غالبا ما يغيب رأيها و يجعل منها إنسان من الدرجة الثانية. كما في بعض الأحيان حيث يهمش بعض الأفراد لاختلاف خلقي أو سلوكي معين. أما على نطاق أوسع تتجلي في تجاهل ورفض الاعتراف بالأقليات الدينية الغير مسلمة. الجزائري يرفض وجود المسيحي و اليهودي و اللاديني والملحد. والأسوأ من ذلك حتي من يتشاركون في نفس الدين تمزقهم الخلافات الطائفية. التنوع العرقي و اللغوي يزعجه و يستفزه. ما يجعلنا حاليا نتخبط في مشاكل الهوية: الفردية و الجماعية.وما يجعل الهوة تتسع بين أفراد الوطن الواحد. حتي النخبة من المثقفين والسياسيين و غيرهم كثيرا ما يدخلون في هذا الصراع السلبي مع الآخر. فتغيب ثقافة الحوار والتبادل.وتفرض نوع من الهيمنة الإيديولوجية والسياسية، ما يتنافى مع المبادئ الديموقراطية.تقبل ثقافةالآخر ليس معناها الاقتناع بها. بل هو من مبدأ الاحترام المتبادل و الاعتراف بوجود الاختلاف، طالما ذلك لا يمس و لا يحد من حقوق الغير. نشر ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر المختلف في عقول النشء، و التعامل بمبدأ المواطنة و الانسانية،بعيدا عن كل الاعتبارات الدينية، القومية أو العرقية، ضرورة لأنها تساهم بشكل فعال في خلق جيل واع قادر على تحمل المسؤوليات و تساهم في تكريس الوحدة الوطنية.
بقلم كميلا حدوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق