وطني

أزمة الأكسيجين الطبي بين سوء التسيير و ضعف الرقابة

تتواصل أزمة التزود بمكثفات الأكسيجين الطبي هذه الأيام في الجزائر عبر مختلف الولايات في ظل سعي العديد من الجهات من أجل إحتواء الوضع لإنقاذ المرضى الذين هم في حالة حرجة ، علما أن الإصابات بالمتحور دلتا من فيروس كورونا المستجد قد فاق نسبة 71% في الجزائر من بين إجمالي الإصابات بالمتحورات الأخرى و في ذات السياق توقع معهد باستور بأن نسبة العدوى ستبلغ 90 % خلال الأسابيع المقبلة ، كما أن أعضاء اللجنة العلمية لرصد و متابعة كورونا أجمعوا على أنه يرتقب أن تصل هاته الموجة الثالثة من الفيروس إلى ذروتها الأسبوع الجاري ، من جهة أخرى رجحت المنظمة العالمية للصحة بأن المتحور دلتا سيصيب 75% من دول العالم و بالتالي سيكون المتغير الأكثر هيمنة خلال الأشهر القادمة .

قبيل الدخول في عز الكارثة بداية شهر جويلية الجاري قامت الجزائر بتقديم مساعدات لتونس الشقيقة قدرت ب 100 ألف متر مكعب من الأكسيجين و مواد طبية أخرى على إثر إنهيار المنظومة الصحية بذات البلاد ، و هذا ما يعكس  قدرة الجزائر على توفير هذه المادة الأساسية في العلاج ، و لكن الواقع المعاش هذه الأيام يؤكد أن القطاع الصحي لا يزال مترهل و يفتقد إلى التنظيم و الرقابة ، حيث قامت العديد من عائلات المصابين ببعث رسائل إستغاثة في إطار عدم قدرة المستشفيات على إستعابة الكم الهائل من المرضى و نقص مادة الأكسيجين بها  مع إلتزام المصابين بالعلاج المنزلي الذي لم يكتمل بدون التزود بمثبتات الأكسيجين خاصة بالنسبة لمن يعانون من ضيق التنفس الشديد .

المضاربة بالأسعار على حساب النفس البشرية

في قلب الأزمة إستغلت بعض الأطراف الإنتهازية و التي غاب عنها الضمير الإنساني بالمضاربة بأسعار قارورات الأكسيجين التي وصلت إلى أثمان باهضة تراوحت بين 20 إلى ال45 مليون سنتيم على حسب لتر القارورة ، و قد ساهمت نقص الرقابة في تسهيل هذه العملية الغير شرعية ، من جهة أخرى قامت مصانع الأكسيجين بتكثيف إنتاجتها على غرار مصنع أولاد موسى و الرغاية بالعاصمة ، و مصنع  ليند بعنابة المتواجد بالمنطقة الصناعية بالحجار و الذي فتح أبوابه على مدار 24 ساعة على 24 من أجل كراء قارورات الأكسيجين و العمل على تغطية إحتياجات المنطقة الشرقية ككل مع طلب ملف يتضمن شهادة طبية ، شهادة إقامة و صورتان شمسيتان للمريض و المكلف ، و مبلغ مالي قدر بحوالي 20 ألف و مئتان دينار جزائري مع إمكانية تعبئة القارورات بمبلغ قدر حوالي 14 ألف و أربع مئة و ثلاثون دينار جزائري ، كما قام مجموعة من الفاعلين الإقتصاديين الخواص ببلدية أقبو ببجاية بإنشاء مركز لإنتاج الأكسيجين ، من جهة أخرى شهدت مناطق بيع و كراء مكثفات الأكسيجين اليوم بالعاصمة طوابير كبيرة و إقبال متزايد  وصفه الكثيرون بالعشوائي لغياب التنظيم و التنسيق بين الجهات المعنية ، إلى جانب ذلك وصول الدفعة الأولى من أجهزة التنفس و تثبيت الأكسيجين  إلى الجزائر و التي قدرت ب 1050 جهاز تم شرائه من الصين ، في إنتظار أن تصل دفعات أخرى الأيام المقبلة على حسب بيان رسمي أطلقته وزارة الدفاع الوطني .

من بين الحالات التي تلخص النتائج السيئة لسلوك المضاربة الغيرالإنساني مواطن يعاني ثلاث من أفراد عائلته من كوفيد 19 حيث قام ببيع سيارته الخاصة ب 63 مليون سنتيم مقابل شراء قارورتين ب 55 مليون سنتيم و رغم كل هذا لاتزال أفراد عائلته يحتاجون لهذه المادة لأنهم في وضع حرج .

مواقع التواصل الإجتماعي بديل فعال لجمع التبرعات

شهدت مواقع التواصل الإجتماعي حملة مكثفة لجمع التبرعات من أجل إقتناء مكثفات الأكسيجين الطبي و أجهزة التنفس ، أطلقها ممثلي المجتمع المدني عبر صفحاتهم الرسمية على غرار مؤسسة الجزائر المتحدة الخيرية بالتعاون مع تننسيقية  الجالية الجزائرية في المهجر حيث تم جمع إلى حد الآن خمسة آلاف أورو ما يطابق 79 مليون سنتيم ،  جمعية سواعد الأمل لرعاية و دعم المريض بولاية مسيلة خصصت خلية أكسجين الحياة و هي تباشر حاليا في جمع  التبرعات ، كما تطالب الجمعيات برفع القيود الإدارية و الرسوم الجمركية على كافة المعدات و الأجهزة الطبية الخاصة بوباء كورونا مع تسهيل التراخيص من أجل شراء ما يستلزم ، من جهة أخرى قام فنانون و مؤثرون جزائريون على مواقع التواصل الإجتماعي بالإنضمام و دعم   الحملة التي بادرت بها الفنانة الجزائرية الشابة نوميديا لزول عبر حسابها الخاص على الإنستغرام الذي يحتوي على أكثر من 4 مليون متابع حيث إنضم سولكينغ رياض محرز و ديدجي سنيك و آخرون  و قد وصل مبلغ التبرعات إلى 300 ألف أورو في غضون 48 ساعة  و هو ما يعادل أزيد من 4 ملايير و نصف سنتيم جزائري  و يرتقب أن توزع الأجهزة التي سيتم إقتنائها في العاجل القريب .

هذا و تم تحويل باخرة طارق بن زياد بالعاصمة إلى مكان لإستقبال المرضى كما تم كذلك إستغلال بعض الفنادق لنفس الهدف ، من جهة أخرى أكد المختصون على ضرورة اللقاح من أجل خلق مناعة جماعية مع الإلتزام بالتدابير الوقائية اللازمة و التحلي بالوعي .

مقالات ذات صلة

إغلاق