الحدث

الحراك الشعبي .. تحديات من اجل إحداث التغيير

للسنة الثانية على التوالي تستمر الأزمة السياسية في الجزائر لتتواصل بهذا قضية الشرعية و الثقة بين الحاكم و المحكوم، ذلك المشكل الذي يؤرق الجزائريين و يعطل كل أشكال التطور الحقيقي منذ الإستقلال .

إلا أن الحال منذ 2019 تغير كثيرا عن الأحداث التي عرفها البلد سابقا، فلكل مرحلة تحدياتها و ظروفها و قد لا يختلف أحد أن بداية الثورة الشعبية في 22 فيفري كانت محرك أساسي لتحرير الجزائر من هيمنة الأوليغارشيا المالية على كل مفاصل الدولة، و كما يقول الرئيس المصري الراحل أنور السادات، أحيانا يجب أن نحلم بحدود لعل الأحلام الغير محدودة تتحقق فلا نستطيع التكيف معها، و في قضية الحال تحققت أحلام الطبقة السياسية المعارضة عند خروج كل الشعب يقيم الحجة على النظام، لكن مع الأسف كانوا لا يملكون طريقة التكيف مع المستجدات و يفتقرون للبديل، و عاجزون عن لعب أي دور قيادي يؤطرون به الجماهير وفق مشروع دولة جامع، في هاته اللحظة بالذات تأكد صانعوا القرار داخل النظام أنهم بحاجة لثورة مضادة
بمقارنة بسيطة بين 2019 و 2021 لم يتغير شيء على أرض الواقع من الأشياء التي جعلت الجميع يلتف حول الهبة الشعبية، لكن الحراك فقد الكثير من المؤيدين و المناصرين مع أن البلد يعيش على وقع أزمة سياسية و إقتصادية خانقة و هنا يُطرح السؤال .. ما السبب ؟

أعتقد أنه يتوجب على الحراك الشعبي رسكلة الخطاب السياسي و تأطير المطالب و الشعارات المرفوعة وفق برنامج واضح يمكنه مد جسر تواصل مرة أخرى بينه و بين الطبقة الصامتة و التي تعتبر المحرك الرئيسي للتغيير في أي بلد، و هذا الأمر غير ممكن إلا بإجراء نقد ذاتي و مراجعة حقيقية للأخطاء إضافة لتوحد النخب السياسية على مقاربة استقطاب من يخالفهم في الفكر قبل من يساندهم، فلم يشهد التاريخ ظهور أي دين جديد على مر العصور يقصي من يكفر به، بل يكون اساس انتشاره الحوار و كسب المنتسبين الجدد، فكيف للحراك ان يقوم باقصاء من لا يتفق معه و يخونهم بدل السعي لكسبهم و انخراطهم في صفوفه ، السقوط في فخ التخوين و التطرف كان أداة الثورة المضادة الأولى التي استعملت لتقسيم الحراك، فأصبحت النخب السياسية في بلد قارة بحجم الجزائر تخاف أن تأخذ لها صور مع بعضها البعض خوفا من موجات الشتم و الإستهجان فأضحت بدورها تهدم كل أشكال الديمقراطية بتلك التصرفات، و تؤسس للغلو السياسي بفعل الإنبطاح لممارسات بالية اذا ما لم يتم إعادة تقييم المسيرات و تأطير المطالب و تبني مشروع محدد المعالم وفق خطاب سياسي جامع لن تزيد المسيرات إلا من حجم الهوة بينها و بين النظام و بين الشعب و النظام و بينها و الشعب فنكون بذلك جماعات متفرقة نزيد من الأوضاع سوء و تفاقم.

محمد لمين مغنين

مقالات ذات صلة

إغلاق