الأرشيفثقافات

قراءة في كتاب سفيان جيلالي عن المجتمع الجزائري وصدمة الحداثة

ينزع رئيس حزب جيل  جديد سفيان جيلالي  عباءة الرجل السياسي و يرتدي ثوب  المثقف والباحث،في ثاني إصدار له بعنوان “المجتمع  الجزائري..صدمة الحداثة و أزمة القيم و المعتقدات” عن دار  جيل جديد للناشر .

يطرح جيلالي سفيان أسئلة حارقة تشغل المجتمع الجزائري  ويحاول إيجاد أجوبة  لها في  كتابه الذي بناه  على  3 تساؤلات – ما هو المستقبل ؟ ما هي الأيديولوجيا الجزائية ؟ من أين نبدأ البناء ؟

المحور الأول يدور حول وضع الإنسان العام مع محيطه الجماعي المصغر و البيئى و العالمي ، حيث يحلل الكاتب كيف يتعامل الفرد مع المجتمع ،مع الدولة ، كيف تتشكل الدولة عبر هيكلة الفرد في المجموعة الوطنية عبر الثقافة و مفهوم الحضارة. يعرج  الكاتب  أيضا على أسباب تفوق البعض و تراجع  البعض الآخر.

المحور الثاني يتعلق بالاشكالية الجزائرية و البنية الهيكلية للمجتمع ، يتناول الأسس القاعدية للمجتمع التقليدي تعريفه ، مقوماته ، أفكاره ، طبيعة العلاقات التي تربط العناصر داخله ؛ الأب ، الزوج ، الأم، الزوجة ، علاقات المجتمع التقليدي مع العالم الخارجي ، عناصر قوته و ما مدى مقاومته للانفتاح و ما هي الأسباب التي تجعله يقاوم  إلى  درجة إكتساب مناعة ،تمنعه من الانتقال الى مجتمع منفتح ، متعايش مع الآخر . يفرد  المرشح المنسحب من  رئاسيات  أفريل 2014 فصلا  يتحدث فيه عن العلاقة بين الثقافة الجزائرية و الاسلام ، كيف تحول هذ الدين الروحي الصوفي الى الشأن الاجتماعي يتناول الشكليات الظاهرية ، كيف إنتقل هذ الدين من ديانة الهية سماوية الى سلطة في يد الفرد لإخضاع غيره و استغلاله،محاولا تفسير أدلجة المعتقد. يفسر الكاتب  علاقة الاسلام الراديكالي مع المجتمع المحافظ ، وكذا تأويل النص القرآني وفق أهواء تللك الجماعات المتطرفة المنغلقة التي ترفض الاجتهاد و اعادة صياغة أدبياتها و تجديد الأصول الفقهية ،

كلها تعتبر من جملة الأسباب  التي عجلت بصعود   الإسلام الراديكالي حسب الكاتب ، المحور 3  خصصه للحديث عن جذور الأزمة  الجزائرية ،بعد  التفكيك الهيكلي الذي قام به المحتل الفرنسي،إلى ما يسمى بمرحلة البناء الوطني،  التي فشلت في ترقيع ما تم تفكيكه ،لتسوء الأوضاع بشدة  عبر قرارات غيرم جدية في الشق الصناعي، وكذا تأميم الاراضي الزراعية عبر مخطط الثورة الزراعية ، النزوح الريفي، تغيير نمط الاستهلك و اُسلوب الحياة و العمران كل هذه المتغيرات وغيرها أنتجت قيم أخلاقية جديدة و صنعت شريحة اجتماعية مغايرة تماما فقد حاولت الدولة الوطنية عصرنة المجتمع عبر الماديات بدل الطرح الثقافي و سلم القيم ،

 كما  يستفيض الكاتب في شرح أسباب العنف الاجتماعي و العنف الاسلاماوي . المحور الرابع يتناول فيه سبل إعادة البناء الوطني و ما هي سبل المخرج و آليات اعادة السكة الى الطريق الصحيح ، عبر إعادة النظر في مجمل العقليات الثقافية و الاجتماعية و الدينية ، عبر خلق التوازن بين الحداثة و التقاليد، بين الارتباط الهوياتي و الانفتاح التنويري و اقرار مشروع مجتمع منفتح عصري ..فما هي سبل تجسيد هذا البناء ؟ المستقبل مرتبط بدولة القانون ، دولة المواطنة عبر إقرار نظام ديمقراطي ، السهر على توفير التعليم و المعرفة للجميع وغيرها  من الحلول  والسبل التي يفصل فيها الكاتب في فصل كتابه الأخير.

 

 

المجتمع الجزايري صدمة الحداثة و ازمة القيم و المعتقدات . جيلالي سفيان ، منشورات جيل الجديد سعر. 850. دج

لشموت عمار

مقالات ذات صلة

إغلاق