بعد نهاية إضراب ٨ ماي ١٩٥٦ تبدأ الرحلة من العاصمة الجزائرية إلى المغرب ثم إلى تونس وبعدها العودة إلى مدينة تيطوان نقطة نهاية مسار عبان رمضان الثوري على يد رفاق السلاح.
يعود الدكتور بلعيد عبان في رابع إصدار له حول شخصية المجاهد عبان رمضان ، “بعنوان الحقيقة دون طابوهات مقتل عبان رمضان من ؟ كيف ؟ لماذا ؟ وماذا بعد ؟” .
الكتاب يحاكي العمل البوليسي في رسم أدق تفاصيل الجريمة، أسبابها ، مسار الاغتيال، الفاعلين ، الشهود ، الحيثيات ، أدوات الجريمة ، المكان و الزمان البداية في ٥٥ عندما التحق عبان رمضان بالثورة بعد خروجه من السجن. لتطفو بعدها خلافات و حساسيات بينه وبين كريم بلقاسم ، ، كان عبان شخصية صدامية ، مندفعة ، يثور على أبسط الأشياء، يدلي بالكثير من الملاحظات بخلاف كريم الذي كان قليل الكلام ، هادىء الشخصية .
إكتشف عبان عند مروره بالمغرب نظام أمني بوليسي متشدد أقامه بوصوف المدعو سي مبروك ،ليوجه بعدها انتقادات لاذعة لهذا الأخير. الأمر الذي يفتح هوة و شرخ في صمت بين الرجلين، تظهر مضاعفاتها لاحقا.
وبعد إنعقاد مؤتمر مجلس التنسيق و التنفيذ تغيرت موازين القوى و حسمت المعركة لصالح الباءات ٣ (كريم بلقاسم، بن طوبال ، بوصوف)وعزل عبان رمضان وأوكلت له مهمة ادارة الاعلام و جريدة المجاهد . كما عزل رجالته يوسف بن خدة و سعد دحلب.
لكن ما الذي عجل بقرار اغتياله ؟
هل أقام عبان علاقة مع الحاج علي من أجل الانقلاب على أعضاء مجلس التنسيق والتنفيذ ؟ هل كان بامكان الحاج علي قيام ب أي عملية عسكرية على الأراضي تونسية و هو لا يمتلك أي فيلق عسكري؟ ما هي علاقة عبان رمضان مع لعموري ؟ ما هي علاقة عبان رمضان مع بوغلاز و القاعدة الشرقية ؟ هل حاول هذ الثنائى رسم تحالف سياسي عسكري ضد تغول الباءات الثلاثة ؟ لماذا أراد عبان العودة إلى الداخل ؟ كل هذه الأسئلة يبحث فيها الكاتب بأدق التفاصيل و يصل الى النتيجة التالية
تخوف الباءات الثلاثة حسمت الموقف على ضرورة التخلص من عبان رمضان نهائيا، بقدم الكاتب كل هذا في سرد روائي ولغة عاطفية يصور لنا بلعيد اللحظات الأخيرة لمهندس مؤتمر الصومام ،من عاصمة تونس الى المطار، لحظات التردد ثم السفر إلى تيطوان أخر محطة.
في الأخير ماذ جرى داخل تللك البناية المعزولة ؟
الكتاب رحلة بحث عن الحقيقة عبر استجواب فاعلين أساسيين ،خلال تلك المرحلة ؛ رضا مالك ، علي هارون ، محمود شريف ، بن طوبال، تصريحات لكريم بلقاسم مع صحفي فرنسي، في الفصل الأخير يتناول الكاتب ما بعد عملية اغتيال عبان رمضان و هي إستنتاجات سياسية و مقاربات حول تأسيس نظام كانت فيه القوة هي الأساس و المعيار و الكلمة الاخيرة ،لقد حاول عبان عبر أرضية مؤتمر الصومام ارساء قواعد مؤسساتية خارج السياق الولاياتي و الجهوي و العصبيات ، قواعد ترسم ملامح الدولة الجزائرية عبر تقاليد تمثلية ديمقراطية، لكن الحساسيات الشخصية و الزعماتية أرادت حكم الجهة و التحالفات الموسيمية ، و حكم الفرد و العصب.
لشموط عمار
