آراء وتحاليل
الدعم الدولي لبوعلام صنصال: هل هو تواطؤ مع دوائر يهودية وإسرائيلية ؟
تتزايد حملات الدعم لبوعلام صنصال بفرنسا، الكاتب الجزائري ذو الأصول المغربية الحامل للجنسية الفرنسية، والذي تعرض للاعتقال بقرار من القضاء الجزائري وتم إيداعه السجن بتهم ثقيلة، حيث انضم العديد من الشخصيات السياسية والفكرية الغربية إلى لجنة الدعم. من بين هؤلاء، نجد أسماء بارزة مثل رئيسة البرلمان الفرنسي، من يهود بولونيا يائيل براون-بيفيت، ورئيس مجلس الشيوخ، جيرار لارشيه. تتصاعد الأصوات من هناك لإطلاق سراح بوعلام صنصال في أسرع وقت ممكن، ويستمر هذا الجهد في تعزيز الدعم الدولي له.
لكن لا يمكن تجاهل حقيقة أن بعض الأسماء الداعمة لصنصال ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالدوائر اليهودية والإسرائيلية، وهو ما يمكن أن يكون له أبعاد سياسية تتجاوز قضية الكاتب نفسه. هناك العديد من الشخصيات في لجنة دعم صنصال الذين تربطهم علاقات مباشرة أو غير مباشرة بإسرائيل أو بالدوائر الفكرية والسياسية التي تدعم قضايا معينة في المنطقة.
من بين الأسماء التي تثير التساؤلات حول هذا الدعم، نذكر: يغال بن نون، أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب، وهو اسم واضح الارتباط بإسرائيل. فرانسوا غوييت، السفير الفرنسي السابق في الجزائر، الذي له علاقات واسعة مع القضايا السياسية الدولية، بما في ذلك القضايا المتعلقة بإسرائيل. فلاديمير فيدوروسكي، كاتب ودبلوماسي روسي-أوكراني، له مواقف نقدية حيال بعض الأنظمة في المنطقة، بما في ذلك تلك التي تقف ضد إسرائيل. ميشال توب، كاتب وصحفي معروف، ومواقفه السياسية تتقاطع أحيانًا مع اهتمامات دوائر فكرية إسرائيلية.
هذه الأسماء تؤكد أن الدعم لبوعلام صنصال ليس محصورًا في الدفاع عن حرية التعبير، بل يتجاوز ذلك ليشمل مواقف سياسية قد تكون مرتبطة بمصالح إسرائيلية.
لطالما كانت الجزائر، على مر التاريخ، مدافعة عن حقوق الشعوب المستعمَرة والمستضعفة. كما أن الجزائر ترفض بشدة أي تدخلات أجنبية تهدف إلى فرض هيمنة أو تقويض سيادتها. وقد شكلت سياستها الخارجية المستقلة مصدر إزعاج للعديد من القوى الدولية التي تسعى إلى تقويض مواقفها المشرفة، لا سيما فيما يتعلق بحقوق الشعوب المستعمَرة.
إن المواقف الثابتة للجزائر في دعم حقوق الشعوب المستضعفة تشكل أحد الأسباب الرئيسية التي تجعلها في مرمى الهجوم من بعض الدول الغربية التي ترغب في تصنيفها كدولة منتهكة لحقوق الإنسان. هذه الانتقادات تُستخدم أحيانًا لتشويه صورة الجزائر، بينما تتجاهل أو تُقلل من شأن الانتهاكات التي تحدث في مناطق أخرى، حيث لا يزال الاستعمار والممارسات التمييزية قائمة.
في الوقت الذي يتم فيه التركيز على ما انتقادات يسوق له انه انتهاك لحقوق الإنسان في الجزائر، يتم تجاهل العديد من القضايا الأخرى التي تستحق الاهتمام. بعض القوى الغربية، المدعومة من دول لها مصالح في المنطقة، تستخدم القضايا الحقوقية كوسيلة لفرض ضغوط سياسية على الجزائر، مع تجاهل الظروف المعقدة التي تعيشها الشعوب المستضعفة في العديد من مناطق العالم.
إن الجزائر، التي تتمسك بمواقفها الرافضة للهيمنة الدولية وتدافع عن وحدة ترابها، تُستهدف أحيانًا من قبل هذه القوى التي تسعى إلى تقويض مبادئها. ورغم هذه الضغوط، فإن الجزائر لا تزال ثابتة في دعم قضايا الشعوب المستضعفة.
في الختام، ينبغي أن ندرك أن الجزائر، كدولة ذات سيادة، لها الحق الكامل في الدفاع عن مواقفها وعن وحدة ترابها. ولا يمكن لأحد أن يلومها على تمسكها بمواقفها الأخلاقية والدولية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن حقوق الشعوب المستعمَرة والمستضعفة. وفي الوقت الذي يتعرض فيه هذا البلد لضغوط سياسية واتهامات، يجب أن نذكر أن الجزائر تبقى واحدة من الدول التي تملك مواقف مشرفة في الساحة الدولية، رغم محاولات بعض القوى لتشويه صورتها.
محمد لمين مغنين